وزير الأوقاف يشهد حفل تخرج طلاب كلية الطب بجامعة القاهرة
ويؤكد : الطب مهنة إنسانية قبل كل شيء.
وعلاج المرضى باب من أوسع أبواب التكافل المجتمعي.
شارك معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في حفل تخرج طلاب كلية الطب جامعة القاهرة الدفعة رقم (189) دفعة الأستاذ الدكتور/ رشاد برسوم، اليوم الثلاثاء 14/ 3/ 2023م بحضور كل من: أ.د/ محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة، وأ.د/ حسين خيرى نقيب الأطباء، وأ.د/ رشاد برسوم الأستاذ المتفرغ والرئيس الأسبق لأقسام الأمراض الباطنة، وأ.د/ جمال الشاذلي نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، وأ.د/ منال رشدي المصري عميد كلية طب القصر العيني، وأ.د/ موسى عبد الجواد وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا، وأ.د/ صافيناز صلاح الدين وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب، وأ.د/ أحمد طه رئيس الهيئة العامة للرقابة الصحية والجودة، وأ.د/ حسام صلاح المدير التنفيذي للمستشفيات.
وفي كلمته وجه معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف نيابة عن أولياء الأمور كل الشكر والتقدير للنخبة العظيمة من أساتذة الجامعة الذين بذلوا جهدًا عظيمًا ولم يبخلوا على أبنائنا بجهد أو خبرة، كما توجه بالشكر والتقدير لإدارة الكلية على ما بذلوا من جهد علمي وإداري خدمة لأبنائنا، موجهًا الشكر للأستاذ الدكتور/ محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة على دعمه اللامحدود للجامعة بصفة عامة ولكلية الطب بصفة خاصة، فالطب إذا وفِّرت له الإمكانات والأدوات أسهم بلا شك في تقدم العملية التعليمية وانعكس أثره على مستوى أبنائنا.
مضيفًا أن هذا القسم عظيم ولا ينبغي أن يمر على أنه مجرد قسم، ويكفي أن نقرأ بعد القسم والذي كتب بعناية إنسانية بالغة: بسم الله الرحمن الرحيم أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي، وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال، باذلًا وسعي في استنقاذها من الموت والمرض والألم والقلق، وأن أحفظ للناس كرامتهم، وأستر عوراتهم، وأكتم سرّهم، وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلًا رعايتي الطبية للقريب والبعيد، الصالح والطالح، والصديق والعدو. وأن أثابر على طلب العلم، أسخِّره لنفع الإنسان لا لأذاه، وأن أوقر من علمني، وأعلّم من يصغرني، وأكون أخًا لكل زميل في المهنة الطبية في نطاق البر والتقوى، وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي، نقيًا مما يشينني أمام الله ورسوله والمؤمنين، والله على ما أقول شهيد.
فالطب مهنة إنسانية قبل كل شيء، وكم من طبيب إنسان بكل ما تعنيه كلمة الإنسانية من معان عرفتُه، وقد سموا الطبيب حكيمًا , والأطباء حكماء, لما هم عليه من الحكمة, وما يجب أن يتسموا به منها, مؤكدًا على عدة أمور منها:
أن المريض إنسان مكروب, ولا كرب أشدُّ من المرض, وأصعبُ من الألم, فالمريض إنسان في موضع ضعف شديد مهما كانت رتبته أو مكانته العلمية أو الأدبية أو إمكاناته المالية , ونبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: “مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ”, وليست الكربة في المال أو ضيق ذات اليد فحسب, بل إن كربة الألم أشد وأوجع, بدليل أن الإنسان مهما كانت درجة فقره أو فاقته فإنه يكون على أتم استعداد لبيع كل ما يملك بما فيه بيته الذي يأويه, بل على استعداد أن يستدين بأي طريق كان ليعالج نفسه أو زوجه أو ولده أو أحد أبويه.
وأن المريض أكثر الناس حاجة إلى بث الأمل والطمأنينة في نفسه ولو مع دنو أجله, كما أنه في حاجة إلى الكلمة الرقيقة, والبسمة الحانية, وإذا كانت البسمة في وجه أخيك الإنسان صدقة , فإنها في وجه المريض أعظمُ أجرًا وثوابًا, كما أن المريض معذور بمرضه وإن ألح في السؤال لجهله، ألم يقل الحق سبحانه: “وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ” , بإطلاق لفظ المريض دون تفرقة بين مريض ذكي وآخر غير ذكي , أو مريض عالم وآخر جاهل, أو مريض مثقف وآخر غير مثقف؟!.
كما أن المريض قد يجتمع عليه المرض والعوز فيكون أكثر حاجة إلى الرحمة والشفقة , والصبرِ عليه, وجبرِ خاطره, فهذا المريض كفيله وشفيعه هو ربه الذي اختبره وامتحنه بما هو فيه من فقر ومرض، وامتحن الطبيب بمدى صبره عليه واهتمامه به, ألم يقل الحق سبحانه في الحديث القدسي: “يَا ابْنَ آدَمَ: مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي, قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟!”، فكيف بمن عالجه وسهر على علاجه، وفرّج عنه كربة مرضه.
مع ضرورة أن يتذكر كل منا ما أنعم الله عليه به من نعم الذكاء والتعلم والتفوق والتوفيق, وأن يعلم أن لكل هذه النعم شكرًا يجب أن يؤدى, حيث يقول الحق سبحانه: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ”, وأفضل شكر للنعمة هو ما يكون من جنسها والإحسان فيها, فشكر المهارة في الطب يكون بحسن معاملة المرضى وإكرام الفقراء والمحتاجين منهم.
وأن كفاية الأمة في جميع مجالات الحياة إنما هو فرض من فروض الكفايات, إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين, وإن لم يقم به أحد أثم كل من علم وكان قادرًا على أن يقوم بفرض الكفاية ولم يفعل, فكما أن تعليم علوم الدين وأصوله فرض كفاية على العلماء, ومحو أمية غير المتعلمين فرض كفاية على المعلمين, فإن علاج المرضى فرض كفاية على الأطباء في كل مجتمع من المجتمعات قرية, أو مدينة, أو دولة, كل على قدر استطاعته، على أن يكون الأمر على أعلى درجات الهمة والاستطاعة لا على أقلها ولا أدناها، فلا عليك إن خصصت جزءًا من وقتك لعلاج غير القادرين في مصحتك أو مشفاك.
كما أكد وزير الأوقاف أن ثواب تعلم الطب لا يقل عن ثواب تعلم الفقه، والعبرة بصدق النية مع الله وسد حاجة المجتمع، كما أن المريض في حاجة إلى الدواء والدعاء معًا وليس أحدهما بديلا للآخر، فليس الدعاء بديلا للدواء، كما أن الدواء لا يعمل بذاته، إنما يعمل بأمر من يجري المسببات على أسبابها ويقول للشيء كن فيكون.
وفي ختام كلمته أكد أن علاج المرضى إنما هو من فروض الكفايات وباب من أوسع أبواب التكافل المجتمعي، سواء في ذلك ما يقدمه الطبيب في خدمة المرضى، او ما يقدمه أهل الفضل إسهامًا في علاجهم.
من جانبه أهدى رئيس جامعة القاهرة درع كلية طب القصر العيني لوزير الأوقاف تقديرًا لجهوده الفكرية والدعوية .