الشكر سبيل المزيد من نعم الله (عز وجل)
وشكر النعمة يكون من جنسها
فشكر المال بإنفاقه في سبيل الله وشكر الصحة بإعانة الضعيف وشكر العلم بتعليمه للناس
ويؤكد:
النعم تدوم بالشكر وتزول بالجحود
في إطار دور وزارة الأوقاف في نشر الفكر الوسطي المستنير، وإسهامًا في بناء الوعي الرشيد، وفي الحلقة الرابعة والعشرين من برنامج: “الأسماء الحسنى” للأستاذ الدكتور/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أكد وزير الأوقاف أن الله (عز وجل) حليم غفور شكور، والشكور هو الذي يشكر اليسير من الطاعات فيثيب عليها بعظيم الثواب ومزيد العطاء، يقول (سبحانه): “لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ”، ويقول (سبحانه): “إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ”، ويقول (سبحانه): “وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ الله غَفُورٌ شَكُورٌ”، ويقول (سبحانه): “وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ”، ويقول (سبحانه): “مََا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَءَامَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا”، ويقول (سبحانه): “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ”، فالشكر سبيل المزيد، ويقول (سبحانه): “إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ”، ويقول (سبحانه): “لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ”، يقول الإمام القرطبي (رحمه الله): إن للشكر ثلاثة أركان، الركن الأول: هو الاعتراف بنعمة الله (عز وجل)، وأن تدرك أن الفضل كله لله، وأنه صاحب الفضل والمنة، وأن النعمة منه، الركن الثاني: أن تستعين بالنعمة على طاعة الله، لا تطغى بها، فلا يكون المال سبيلا لتكبرك على خلق الله أو التعالي عليهم، أو على أذى أحد من الناس، إنما يكون سبيلك في الخير، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): “إنما الدنيا لأربعةِ نَفَرٍ : عبدٌ رزقه اللهُ مالًا وعلمًا فهو يَتَّقِي في مالِه ربَّه، ويَصِلُ فيه رَحِمَه، ويعلمُ للهِ فيه حقًّا ، فهذا بأحسنِ المنازلِ عند اللهِ ورجلٌ آتاه اللهُ علمًا ولم يُؤْتِه مالًا فهو يقولُ : لو أنَّ لي مالًا لعَمِلْتُ بعملِ فلانٍ فهو بِنِيَّتِه وهُمَا في الأجرِ سواءٌ، ورجلٌ آتاه اللهُ مالًا ولم يُؤْتِه علمًا، فهو يَخْبِطُ في مالِه، ولا يَتَّقِي فيه ربَّه، ولا يَصِلُ فيه رَحِمَه، ولا يعلمُ للهِ فيه حقًّا، فهذا بأَسْوأ المنازلِ عند اللهِ، ورجلٌ لم يُؤْتِهِ اللهُ مالًا ولا علمًا فهو يقولُ: لو أنَّ لي مالًا لعَمِلْتُ بعملِ فلانٍ، فهو بِنِيَّتِه وهُمَا في الوِزْرِ سَواءٌ”، الركن الثالث: أن تشكر من أجرى الله النعمة على يديه، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “من لم يشْكُرِ الناسَ لم يشْكُرِ اللهَ”، وفي الحديث القدسي يقول رب العزة: “عِبَدِيْ! لَمْ تَشْكُرْنِي إِذَا لَمْ تَشْكُرْ مَنْ أَجْرَيْتُ النِّعْمَةَ عَلَى يَدَيْهِ”، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “من صنع إليكم مَعْروفًا فكافِئُوهُ، فإنْ لم تَجِدُوا ما تكافِئُونَهُ، فادعوا لَهُ حتى تُرَوا أنَّكم قَدْ كافَأْتُمُوهُ”، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “من أُتي إليه معروفٌ فليكافئ به، فإن لم يستطع فليذكره، فمن ذكره فقد شكره”.
وبالشكر تزيد النعم، والشكر لا يكون بالكلام وإنما يكون عملًا، يقول الحق (سبحانه): “اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ”، فشكر المال بإنفاقه في سبيل الله، وشكر الصحة أن تعين الضعيف وأن تأخذ بيده، وشكر النعمة يكون من جنسها، والنعم تدوم بالشكر وتزول بالجحود وبكفران النعمة، وقد حذرنا القرآن الكريم في مواضع عديدة من كفران النعم وعدم الوفاء بحقها، وعدم شكر المنعم، يقول (سبحانه): “إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ” عزموا أن يجنوا ثمارهم وأن لا يدخل عليهم يتيم ولا مسكين،” إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا” كان القصد أنهم يجنون ثمارها، والقرآن الكريم عبر بالصرم والقطع لأنهم بجحودهم لنعم الله وتبييت النية على عدم إعطاء حق الفقراء والمساكين كان القطع والحرمان، “وَلَا يَسْتَثْنُونَ” قيل: لم يقولوا إن شاء الله، وقيل : لم يستثنوا يتيما ولا مسكينا من الحرمان وعدم الدخول عليهم، “فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ” كالرماد المحترق، فالجزاء من جنس العمل، عندما بيتوا النية على حرمان الأيتام والمساكين كان الحرمان لهم قبل الأيتام والمساكين: “فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ أنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُم مِّسْكِينٌ “بيتوا النية على منع الفقراء والمساكين “وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ “أي على منع الفقراء والمساكين من الدخول”قادِرِينَ “لم يعودوا قادرين إلا على المنع إذ احترقت جنتهم، “فَلَمَّا رَأَوْهَا” متحرقة كالرماد، “قَالُوا إِنَّا لَضَالُّونَ” لقد ضللنا الطريق إلى الجنة إذ جئنا ليلا، لا لقد ضللتم الطريق إلى الله عادوا إلى رشدهم واستفاقوا: “بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ” التسبيح ليس بالكلام فقط، وإنما بأداء حق النعمة، بحسن الرجوع إلى الله بالعمل “اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا”، ثم يحذر القرآن الكريم من الوقوع في مثل صنيعهم فيقول: “كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ “ثم يأتي قوله تعالى: “أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ”، ويقول (سبحانه): “أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لَّا يَسْتَوُونَ “لا يستوي من يشكر النعمة ومن يجحد ويمنع حق الفقراء والمساكين، فبالشكر تدوم النعم، يقول (سبحانه): “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ”، ثم إنك إن شكرت شكرت لنفسك، وإن كفرت فإن ربك غنيٌ، ولو شاء ربك لأغنى الناس جميعا من فضله، ولكن ليبلو بعضكم ببعض، فأدوا حق الله في المال، أدوا حق الله في العلم بتعليمه للناس، أدوا حق الله في الجاه، أدوا حق الله في الصحة بطاعة الله وخدمة الفقراء، في الحنو على الفقراء والمساكين، شكر المال إنفاقه في سبيل الله، وخير الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح ترجو الغنى وتخشى الفقر، لا أن تنظر أي تنتظر حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان وقد كان لفلان، أسأل الله (عز وجل) أن يرزقنا وإياكم سعة الصدر ، وأن يجعلنا وإياكم من الحامدين الشاكرين.