وزارة الاوقاف : حق العمل عنوان خطبة الجمعة القادمة

 

 

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، وأَشهدُ أنْ لاَ إلهَ إِلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، وأََشهدُ أنَّ سيدَنا ونبيَّنا مُحَمَّدًا عَبدُه ورسوله، اللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَيهِ، وعلَى آلِهِ وصحبِهِ، ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ، وبعد:

فإن العمل ضرورةُ حياة، به تعمر الدنيا، وتتقدم الأوطان، وتستقر  المجتمعات؛ وعلى العمل وإتقانه حث ديننا الحنيف ، حيث يقول الحق سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، ويقول سبحانه: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (أفضلُ الكسْبِ بيعٌ مبرورٌ، وعملُ الرجلِ بيدِه)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (لأن يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطيهِ أَوْ يَمْنَعُهُ).

و يقول الحق سبحانه: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}، ويقول سبحانه: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، ويقول سبحانه: {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ اللهَ (عز وجل) يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ).

أما إهمال العمل والتقصير فيه فهو معصية لله ورسوله، وخيانة للأمانة ، ومعول هدم وإهدار لطاقات البلاد وثرواتها، ولا بد من مواجهته ومحاربته، حيث يقول الحق سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}، ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (مَثَلُ القائِمِ علَى حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا علَى سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا علَى مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وإنْ أخَذُوا علَى أيْدِيهِمْ نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعًا).

ومن حق العمل الحفاظ على المال العام، فهو ركيزة الأمم، به تُدير شُئونَها، وتقيم مؤسساتها، وتحفظ أرضها، وتقدم خدماتها، وترتقي بأفرادها، لذلك كان حفظه أحد الكليات الست التي جاء الشرع بالحفاظ عليها، وجعل حرمته أعظم من حرمة المال الخاص، فلا يجوز الاعتداء عليه استيلاءً، أو إفسادًا، أو إضاعة، أو تقصيرًا، حيث يقول الحق سبحانه: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفي كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}، ويقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللَّهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

*     *         *

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين.

إن من حق العمل تحقيق النفع العام للمجتمع، بعيدًا عن الأثرة والأنانية و السلبية، وعن كل صور الفساد من الرشوة، والمحسوبية، والتزوير، والغش ، والتدليس ، وعدم الوفاء بحق العمل ، وغير ذلك من الأدواء الخبيثة، حيث يقول الحق سبحانه: {وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}، ويقول سبحانه: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ، النَّارُ أَوْلَى بِهِ) فكل من أخذ أو يأخذ أو سيأخذ الأجر فسيحاسب على الوفاء بحق العمل ، وعليه أداء حق العمل كاملا غير منقوص.

اللهم احفظ مصرنا ، وارفع رايتها في العالمين

 

موضوعات متعلقة

Leave a Comment