رئيس الوزراء يلتقي عددا من القامات الفكرية لاستعراض القضايا المثارة على الساحة
مدبولي: توجيه من فخامة الرئيس بأهمية التواصل المستمر مع المواطنين وشرح مختلف التحديات والاستماع إلى مختلف الرؤي
الدين الخارجي انخفض بأكثر من 15 مليار دولار خلال 6 أشهر
شيء مهم للغاية بالنسبة للدولة المصرية في ظل التحديات الخارجية الرهيبة التي نواجهها هو الحفاظ على التماسك الداخلي للدولة المصرية وهو ما تحدث عنه دائمًا فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي
مؤشر مديري المشتريات يتخطى لأول مرة الشهر الماضي بعد أربع سنوات الـ50 نقطة
حجم انتاج المياه المحلاة وصل اليوم إلى 1.5 مليون م3/ يوم مقارنة بـ 80 ألف م3/يوم خلال عام 2015/2016
التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم؛ بعدد من القامات الفكرية، لاستعراض بعض القضايا المثارة على الساحة، وذلك بحضور الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج.
وفى مستهل اللقاء، رحب رئيس الوزراء بالقامات الفكرية الكبيرة المتواجدة اليوم بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، مشيراً إلى حرصه منذ تشكيل الحكومة الجديدة، قبل ثلاثة أشهر، على عقد لقاء للتحاور حول الأمور التي تخص الشأن العام عقب اجتماع مجلس الوزراء، وذلك بحضور السادة الصحفيين، ممثلي الصحف المختلفة، وفي بعض الأحيان التشرف بحضور عدد من رؤساء تحرير الصحف والإعلاميين، مؤكداً أن مثل هذا اللقاء يساهم بصورة كبيرة في تعريف مختلف المواطنين بوجهة نظر الحكومة في العديد من القضايا المهمة، وتوضيح ما يواجه الدولة من تحديات، وتوجهات الدولة في التعامل مع هذه التحديات، هذا إلى جانب الرد على استفسارات الرأي العام، وما يثار و ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة في العديد من القضايا.
وفى ذات السياق، لفت رئيس الوزراء إلى أهمية عقد لقاء يضم العديد من القامات الفكرية الكبيرة، التي تمثل مختلف الأطياف والتخصصات، التي تضم السياسية منها، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية، للتشاور والتحاور حول العديد من القضايا، وصولا للتشارك في رؤية وتصور متكامل للتعامل مع التحديات التي تواجهها الدولة المصرية خلال هذه المرحلة، منوهاً في هذا الصدد، إلى توجيه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بأهمية التواصل المستمر مع المواطنين وشرح مختلف التحديات، هذا إلى جانب الاستماع الى مختلف الرؤي، لبلورة رؤية متكاملة في هذا الشأن.
وأكد رئيس الوزراء حرصه على الاستماع إلى مختلف الآراء والتوجهات من جانب القامات الفكرية الكبيرة حضور هذا اللقاء، وذلك بما يسهم في تحديد مسار تحرك الدولة خلال الفترة القادمة في العديد من القضايا، ويحقق مصلحة الدولة المصرية.
وأضاف رئيس الوزراء، لا أخفي على حضراتكم المستجدات التي حدثت مساء أمس والتداعيات الكبيرة عن هذه الاحداث، وكان التساؤل هل الوقت ملائم لعقد هذا اللقاء؟، فكان الجواب التأكيد على ضرورة وأهمية عقد اللقاء في ظل هذه الاحداث وتداعياتها للاستماع إلي رأي حضراتكم، خاصة متخصصي الشأن السياسي أصحاب التوجهات الفكرية في هذا الشأن، حتى نتحرك جنبا إلي جنب للتعامل مع مختلف التداعيات.
وفي هذا السياق، أشار رئيس الوزراء إلى طلبه حضور الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية للمشاركة وحضور هذا اللقاء المهم، للاستماع والتعقيب على تعليقات الحضور من القامات الفكرية، مؤكداً اهتمامه وحرصه على الاستماع لمختلف الرؤي والأفكار من جانب الحضور.
ونوه الدكتور مصطفى مدبولي، خلال حديثه، قائلا: “نعيش حالة ومرحلة فارقة استثنائية، لم تشهدها المنطقة والعالم منذ عقود طويلة، من سرعة الأحداث وسرعة التغيير والمستجدات التي تحدث على الساحة السياسية في المنطقة”، مشيرا إلى أن هذه الاحداث فوق طاقة الجميع، وأن الفترة بين اجتماع أسبوعي وأخر، هناك كم كبير جداً من الأحداث والفعاليات التي قد تُغير أهداف وإستراتيجيات وتوجهات العالم بأكمله، وفي ظل هذه التغيرات والأحداث السريعة جداً لا اعتقد أن الحكومات الموجودة الآن لديها رفاهية وضع تصور للمستقبل القريب.
واستطرد رئيس الوزراء: ليس من المبالغة، خلال ساعتين أو ثلاثة لا نعلم ماذا سوف يحدث، ونحن في هذا اللقاء قد يحدث تغيير جزري يؤثر علينا لعقود قادمة، لذلك نحن في حالة عدم يقين هائلة تملي على الحكومات التعامل مع الأحداث بصورة المدي القصير واستيعاب ما يحدث والتعامل معه بنظرية الاستمرار والاستقرار ومحاولة الإبقاء على الأوضاع الموجودة في الدولة، ولدينا الرؤي والتحرك للمرحلة القادمة، ولا يوجد رفاهية لوضع تصورات لعدد من السنوات القادمة في ظل تلك التداعيات والأحداث السريعة في المنطقة، وعلى الرغم من ذلك كله هناك خطط موضوعة، ويتم تنفيذها على المديين المتوسط والبعيد، لكن ما يحدث هو أنه تطرأ باستمرار تطورات تجعلُنا نُغير بعض المستهدفات أو نناور أو ننتهج أساليب معينة للتعامل مع هذا الأمر.
وأضاف: ما نحمد الله عليه دائمًا هو أننا عندما ننظر لخريطة المنطقة المحيطة بنا، نجد أن مصر هي واحة الأمن والاستقرار في المنطقة.
وقال رئيس الوزراء موجهًا حديثه للحضور: بخبراتكم الكبيرة تعلمون أن ثوابت السياسة المصرية الأصيلة على مدار تاريخها هي أنه ليس لمصر تطلعات خارجية، بل هي دولة تنظر لمصلحتها، لديها منظور الأمن القومي والإقليمي هو الأساس وعقيدتها دائمًا هي الحماية والدفاع عن مصالحها، ولم يكن لها يومًا رغبة أو أطماع خارجية، وعقيدة القوات المسلحة هي الدفاع عن حدود ومقدرات الدولة المصرية، وعلاقاتنا الدبلوماسية والسياسية والتجارية والاقتصادية تأتي من منطلق الحرص على مصالح الدولة المصرية.
وتابع: حتى هذه اللحظة، مصر هي الدولة المستقرة في المنطقة، ونحن حريصون بدءًا من القيادة السياسية والحكومة وجميع أجهزة الدولة على استدامة الاستقرار والأمن خلال هذه الفترة، كما نؤكد حرصنا على مقدرات الأمن القومي، ولا اتكلم هنا عن الأمن العسكري فقط، ولكن اتحدث أيضا عن الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي.
وواصل الدكتور مصطفى مدبولي حديثه: كل حرصنا في هذه المرحلة مع كل هذه التطورات والتبعات التي تحدث هو ضمان تقديم كل الخدمات الأساسية والمتطلبات المعيشية للمواطن المصري بأقل قدر من الأعباء والتبعات في ظل حجم التحديات التي نواجهها، والتي اعتقد أنكم تشاركوني الرأي في أنها تحديات غير مسبوقة.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي، إلى ما يثار من أن الحكومة دائماً ترتكن على الظروف السياسية والجيوسياسية، وإن تلك الظروف لها النصيب الأكبر في التداعيات الموجودة بالدولة المصرية، قائلا:” بالفعل تلك الظروف … لها تأثير قوي جداً”، موضحاً أنه على مدار 6 أشهر فقدت قناة السويس أكثر من 60% من إيراداتها، بمعدل خسائر تتراوح بين 550 إلي 600 مليون دولار شهرياً بما يعادل نحو 6 مليارات دولار، كانت مصدر دخل للدولة المصرية ثابت ومستقر تسهم في تلبية الاحتياجات الأساسية للدولة، بعيداً عن الاستثمار أو التصدير، بسبب والصراعات وتداعياتها التي لا نعلم متى سوف تنتهي، هذه التداعيات التي أدت إلي ارتفاع أسعار السلع والخدمات نتيجة اضطراب حركة التجارة، وهو ما جعل الوكلاء تلجأ إلى طرق بديلة مما ساهم في ارتفاع الأسعار وارتفاع تأمين حركة التجارة، وهو ما انعكس على ارتفاع الأسعار السلع، ويؤدي إلى حدوث تضخم على مستوي العالم، مشيراً إلي أنه بمجرد تداول خبر خروج الصواريخ حتى قبل وصولها، البترول زاد 5%، وحدث ارتفاع في أسعار السندات على الدولار والذهب زاد، قائلا: “نحن نتعامل مع ظروف ومؤثرات خارجية تؤثر علينا إلى حد كبير، ومع استمرار هذا الوضع واتساع دائرة الصراع قد يتأثر قطاع السياحة في مصر باعتبار المنطقة منطقة صراع”.
وأضاف رئيس الوزراء تؤثر تلك التداعيات أيضاً على مناخ الاستثمار بصفة عامة، حيث إن المستثمر يبحث عن منطقة أكثر استقراراً، وكل هذه الأسباب والتداعيات لها تأثير مباشر وغير مباشر على الدولة المصرية، ومع كل هذه التحديات، تم التعامل الفترة الماضية مع حجم هائل من الإصلاحات الاقتصادية، ووضع تصور ورؤي في ملفات هامة جدا للدولة منها: تشجيع القطاع الخاص بزيادة مساهماته بأرقام محددة لمدة تتراوح بين 3 إلى 4 سنين، بحيث يكون الرقم الفاعل والأساسي في حجم الاستثمارات الكلية في الدولة، ويقود القطاعات المحددة التي سبق تحديدها في وثيقة سياسة ملكية الدولة، لتحقيق هدف تعظيم أصول الدولة، من خلال برنامج الطروحات الحكومية، بالشراكة مع القطاع الخاص.
ونوه رئيس الوزراء إلى أن كل هذه الإجراءات تتحرك الدولة إزاءها، إضافة إلى التسهيلات الضريبية التي من المقرر إعلانها خلال الأسبوع المقبل بصورة نهائية، حيث سيتم إجراء التعديلات التشريعية المتعلقة بها، حتى يتسنى عرضها على البرلمان قبل انتهاء هذا العام، تمهيدا لتفعيلها.
وفي السياق نفسه، أكد رئيس مجلس الوزراء أن كل هذه الإجراءات التي تم ويتم اتخاذها من أجل تيسير وتحسين مناخ الأعمال، وتبسيط الإجراءات التي يتم العمل عليها كذلك خلال المرحلة الحالية، فضلا عن ملف الطاقة النظيفة الذي نتحرك إزاءه بقوة، حتى يتسنى أن تمثل نسبة تتجاوز 42% من مزيج الطاقة بحلول 2030، مضيفا: نعمل على إدخال كميات كبيرة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى الهيدروجين الأخضر، وأن تكون مصر مركزا كبيرا لهذه الطاقة، وفي الوقت نفسه نتخذ الإجراءات والقواعد والتشريعات التي تساعد في إتمام هذا الأمر، على النحو المأمول.
كما تطرق الدكتور مصطفى مدبولي إلى الحديث عن ملف الصناعة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الدولة تتحرك بقوة أيضا في هذا القطاع المهم للغاية لدعمه؛ حتى يقود الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة، من أجل زيادة الصادرات المصرية واستدامة الموارد الدولارية، فضلا عن تنفيذ العديد من المشروعات القومية في قطاع الزراعة لزيادة مساحة المساحات الزراعية؛ سواء أفقية أو رأسية، عن طريق استنباط أنواع جديدة من التقاوي والبذور لزيادة إنتاجية الفدان، إضافة إلى ترشيد المياه، حيث وصلنا خلال الفترة الماضية لعدم إلقاء أي مياه في البحر المتوسط، حيث إننا قمنا بغلق كل المصبات تقريبا، وأصبحت كل كميات المياه يتم استخدامها بعد معالجتها في مشروعات عديدة، سواء في الزراعة، أو الاستزراع السمكي، إضافة إلى محطات الصرف الصحي التي تم تحويلها إلى محطات ثلاثية المعالجة على مستوى الجمهورية.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أننا لم نترك أي ملف من ملفات العمل في جميع القطاعات والمجالات إلا تحركنا حياله، لافتا في هذا الصدد إلى جهود الحكومة في قطاع تحلية مياه البحر، حيث أوضح أن حجم انتاج المياه من هذا القطاع وصل خلال عام 2015/2016 إلى 80 ألف م3/يوم، واليوم وصل حجم انتاج المياه المحلاة إلى 1.5 مليون م3/ يوم، وذلك في إطار التعامل مع قضية الزيادة السكانية، وضرورة وجود موارد إضافية للمياه، وذلك في ظل ثبات حصة مصر من مياه نهر النيل.
وفيما يتعلق بالمؤشرات الاقتصادية، أشار رئيس الوزراء إلى جهود الدولة في تطبيق وتنفيذ العديد من الإجراءات الخاصة بإصلاح كل من السياسة النقدية، والسياسة المالية، هذا إلى جانب العمل على تحسين بعض الإجراءات من خلال تطبيق العديد من الإصلاحات الاقتصادية، موضحاً أن من بين هذه المؤشرات، المؤشر الخاص بالدين الخارجي والذي سجل في ديسمبر الماضي 168 مليار دولار، ووصل في يونيو الماضي إلى 152.8 مليار دولار، أي أن الدين الخارجي انخفض بأكثر من 15 مليار دولار خلال 6 أشهر، وهو ما يأتي انعكاسا لما تم تطبيقه من إجراءات من جانب الدولة، وكذا تنفيذ الصفقة الخاصة برأس الحكمة، فضلا عن جهود اصلاح أوضاع البنوك المصرية، مضيفاً: هذا إلى جانب ارتفاع صافى الأصول الأجنبية ليصل إلى 13 مليار دولار على مدار العامين الماضيين بعد أن كان بالسالب، وارتفاع الاحتياطيات من النقد الأجنبي والوصول إلى 46.6 مليار دولار.
ونوه رئيس الوزراء، في هذا السياق، إلى ملف الدين، وجهود الدولة لحوكمة هذا الملف، وكيفية تقليص حجم الدين من اجمالي الناتج المحلي، موضحاً أن المشكلة التي ترهق الحكومة مع حدوث التضخم وزيادة سعر الفائدة، هي مشكلة خدمة الدين، والتي تحتل رقما كبيرا في الموازنة العامة للدولة، مؤكدا أن الجهود المبذولة لزيادة حجم التشغيل ستسهم بشكل كبير في حل هذه المشكلات، لافتا إلى نسبة النمو التي تحققت خلال الربع الأخير من العام المالي، والتي وصلت إلى2,4%، مشيراً إلى أن هذا الرقم، هو رقم متواضع بالنسبة لحجم الدولة المصرية، ولكن مع جهود الترشيد في الانفاق، ووضع سقف للاستثمارات خلال العام المالي الجديد، نعمل على تقليل حجم التضخم، بحيث تصل معدلات التضخم بنهاية عام 2025 إلى ما دون 10%، وبالتالي كلما بدأت المؤشرات في التُحسن، بما يُساعد في تخصيص النصيب الأكبر من الموازنة مرة أخرى للمشروعات التي تمثل أهمية كبيرة للمواطن المصري.
وأضاف: فيما يتعلق بالقطاع الخاص، فإن مؤشر مديري المشتريات، لأول مرة الشهر الماضي بعد أربع سنوات، يتخطى الـ50 نقطة ليصبح 50.4 نقطة، وهو مؤشر مهم للغاية لأنه يعكس انطباعات ورؤية القطاع الخاص لمستقبل الاقتصاد في البلد.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه لا يزال هناك تحديات كبيرة للغاية، لكن التحدي الأكبر هو أننا نعمل في ظل وضع غير مستقر، فكما ترون فحجم التحديات والضغوط الخارجية تأثيرها علينا كبير للغاية، وبالتالي نحن مضطرون للعمل على المدى القصير في ظل الصدمات التي تحدث، وفي نفس الوقت نتحرك من أجل تحقيق مستهدفاتنا التي نضعها للأعوام الثلاثة أو الأربعة المقبلة.
وتابع: المشكلة الحقيقية التي تواجهنا هي الشائعات والأخبار التي تُنشر على مدار اليوم والتي تستهدف تشكيك المواطن في الدولة ومقدراتها، وعددها مُرعب، وبالتالي شيء مهم للغاية بالنسبة للدولة المصرية في ظل التحديات الخارجية الرهيبة التي نواجهها هو الحفاظ على التماسك الداخلي للدولة المصرية، وهو ما تحدث عنه دائمًا فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، من أنه يجب ألا نقلق من الخارج، فالحمد لله الدولة المصرية قادرة من خلال قواتها المسلحة على مواجهة أي تحديات خارجية.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الأهم هو الاستقرار الداخلي وهذا لن يتأتي إلا من خلال مواطن واع بحجم المخاطر التي تهدد الدولة المصرية والأجندات والأفكار والرؤى التي قد تضعها بعض القوى الخارجية لإعادة ترتيب المنطقة، ونحن كدولة مصرية كيف نحافظ على أمننا القومي واستقرار الدولة المصرية في مواجهة هذه الأفكار.
وأضاف: كل هذه تحديات اعتقد أنه من المهم لمواجهتها يجب أن يتلقى المواطن المعلومة الصحيحة، وعلى الأقل تناقش أمامه كل التحديات الموجودة وتأثيراتها على الدولة المصرية، بدلا من استقاء هذه المعلومات من مصادر أو مواقع هي ضد استقرار هذه الدولة، مؤكداً دور القامات الفكرية في المساعدة في العمل علي استقرار وبقاء ونمو وتقدم الدولة، وأن الحكومة المصرية حريصة لمعرفة الرأي والرأي الاخر في إطار الصالح العام للدولة للاستفادة منه في هذه الفترة غير المسبوقة، والتعرف على التوجه الذي يجب ان تسلكه الدولة في هذه الفترة، في ظل الاوضاع شديدة الصعوبة.
تجدر الإشارة إلى أن اللقاء حضره كل من الدكتور/ أحمد درويش، والدكتور/ أسامة الغزالي حرب، والسيد/ محمد سلماوي، والدكتور/ جمال عبدالجواد، والدكتور/ محمد كمال، والدكتور/ مصطفي الفقي، والدكتور/ حسام بدراوي، والدكتور/ أحمد زايد، والدكتور/ سعيد المصري، والسيد/ حسن المستكاوي، والدكتورة/ نيفين مسعد، والدكتورة/ نورهان الشيخ، والدكتور/ عبد الفتاح الجبالي، والدكتورة /عالية المهدي، و الدكتور/ أحمد غنيم، والدكتور/ هشام إبراهيم.
خلال تعقيبه على مداخلات المفكرين وأصحاب الرأي:
رئيس الوزراء : التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي ملف تم توجيهه للحوار الوطني للوصول إلى قرار بشأنه والحكومة ملتزمة بتطبيق ما سيتم التوصل إليه من توصيات وقرارات
نمضي اليوم ونواجه أكثر من تحد ونعمل على بناء الداخل لكي نصبح قوة ذات تأثير وقادرين على تحقيق مصالحنا في دولة لا تريد أن يكون لها أحلام أو توسعات على حساب دول أخرى
بعد أن كان المصريون يعيشون على 4 أو 5% من مساحتها بسبب عدم وجود شرايين يمكن من خلالها تحريك هؤلاء السكان، اليوم تبلغ نسبة الجزء المعمور ما يزيد على 12%
عقب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على ما قدمه المفكرون وأصحاب الرأي، خلال اللقاء الذي انعقد اليوم بمجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمناقشة عدد من القضايا المثارة على الساحة، وذلك بحضور الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج.
وفي مستهل تعقيبه على الشق السياسي الذي تم طرحه في اللقاء، قال الدكتور مصطفى مدبولي: إن المنطقة والظروف التي يمر بها العالم يختلف كل عصر في أسلوب إدارته وأسلوب التعامل معها طبقا لمعطياته، وهناك أجيال تتحدث عن فكرة الريادة، إلا أن الواقع الحالي يشير إلى فكرة قيام التحالفات والشراكات والمصالح الخاصة بالدول، وكيفية التعامل مع بعضها البعض، وكانت مشكلتنا في العالم في مرحلة ما أن هناك فكرة القطب الواحد، والآن أصبح هناك عدد من موازين القوى، مثلما حدث في بدايات القرن العشرين تماما، وخريطة العالم تروي سقوط امبراطوريات بالشكل التقليدي مثل البريطانية، والفرنسية، والعثمانية، وغيرها، لتبدأ بعد ذلك خريطة تتشكل من جديد، وتصبح لدينا قوى جديدة، والأمر لم يعد احتلالا عسكريا كما كان الوضع سابقا، بل اتخذ شكلا مغايرا في التأثير بافكار كثيرة أخرى.
وأضاف رئيس الوزراء: التغيير الذي طال منطقتنا بدأ يحدث فعليا منذ تغيير نظام الحكم في إيران في أواخر حقبة السبعينيات من القرن الماضي، وتلا ذلك اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، ثم حرب الخليج وغزو العراق، مرورا بفترة الثورات التي أطلق عليها الربيع العربي في 2011، وبصرف النظر عن الأفكار والنوايا، فقد تم تغيير شكل وموازين القوى بالكامل في المنطقة، بغية وصول هذه المنطقة إلى حالة من الضعف والتفكك، وأن تكون هناك أجندات معينة تحاول أن تفرض نفسها بأفكار وأطروحات على هذه المنطقة.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي أنه يتفق مع جميع الآراء التي تشير إلى أن مصر هي الدولة الوحيدة، بتوفيق من الله، ثم بنوع من الحكمة والرشد في اتخاذ القرارات، التي لم تنزلق إلى هذه المعطيات، ولا نكرر بعض الأخطاء التي وقعت في الاندفاع لبعض المغامرات التي كلفت الدولة الكثير والكثير في مراحل سابقة بدون إعطاء أمثلة؛ فنحن الآن في مرحلة بناء دولة قوية، رغم أنه يظل دور مصر المحوري خارجيا مهما للغاية، إلا أنه من المهم أيضا بناء الداخل، حيث إن الدولة المصرية عانت كثيرا من التحديات والمشكلات على مدار عدة عقود، ولاسيما منذ حرب 1967، والتي كانت لها تداعيات كثيرة تراكمت حتى هذه اللحظة، ولا نزال نتعامل مع آثارها حتى الآن.
وأضاف رئيس الوزراء في السياق نفسه أن التحدي الأكبر كان هو أن أبني دولة مع دفع عجلة الاقتصاد مع عدم وجود حجم طاقة كاف، أو كميات مياه كافية، أو بنية أساسية كافية، أو طرق ومحاور، ولا يمكن في حينها الحديث في هذه الظروف عن جذب الاستثمار وأخطط لبرامج تنمية في دولة عانت على مدار عقود طويلة من مشكلة الزيادة السكانية، التي قد تتفق أو تختلف معي الآراء بأنها مشكلة وكانت هذه الزيادة تسبق بمعدلاتها معدلات التنمية، حتى أفرزت أوضاعا لتنمية غير مخططة، حتى كان الشكل الأغلب في المدن والقرى غير مخطط، واليوم نحن مطالبون بإصلاحها وفي نفس الوقت، لا نكرر نفس الخطأ بأن نترك الزيادة السكانية تتسبب في خلق كيانات غير مخططة، وعلينا بالتالي أن نعمل على الشقين؛ ننتهي من حل المشكلات القديمة في هذا الشأن، وفي نفس الوقت نخطط ونبني الجديد.
وأضاف في السياق نفسه: التحدي الذي واجهنا هو أن تراكم المشكلات والتحديات فرض على الدولة أن تُسرع في إنجاز جميع الملفات في وقت واحد؛ من أجل تعويض تأخر وتراكم التعامل مع الكثير من المشكلات ومحاولة حلها في فترة زمينة بسيطة، وذلك كله وسط ظروف خارجية شديدة الصعوبة.
وفسر رئيس الوزراء رده على أصحاب الفكر بشأن تركيز الحكومة على البنية الأساسية وعدم تركيزها في البداية على قطاعي الصحة والتعليم، مشيرًا إلى أن الدولة عملت على تحسين البنية التحتية في بادئ الأمر، بعد أن وصلت إلى مرحلة من التدهور والترهل لم يكن من الممكن معها أن تتحمل الدولة أكثر من ذلك في هذا الشأن.
وتطرق رئيس الوزراء في حديثه عن هذه النقطة إلى القول بأن أحد أسباب نمو الدول المتقدمة هو الاعتماد على وسائل المواصلات العامة وصديقة البيئة وليس الاعتماد على السيارات الخاصة، موضحًا أن مصر كانت متأخرة للغاية في هذا المجال في مدينة كان عددها يتراوح بين 2 إلى 3 ملايين نسمة وأصبح عددها الآن يزيد على 22 مليون نسمة وبالتالي لكي تتحرك داخل هذه المدينة لابد من خلق وسائل نقل جماعي كثيرة من خطوط متعددة، ومترو الأنفاق، وقطارات مكهربة، ومونوريل، بل أكثر من مونوريل، وهذا كان مخططا له في السابق منذ 40 عامًا، وبالتالي كلما نتأخر تتفاقم المشكلة بشكل أكبر.
واستطرد الدكتور مصطفى مدبولي: كان من اللازم التحرك في هذه الملفات لأنها هي التي تفتح شرايين التنمية في البلاد، فبعد أن كان المصريون يعيشون على 4 أو 5% من مساحتها بسبب عدم وجود شرايين يمكن من خلالها تحريك هؤلاء السكان، في المقابل اليوم تبلغ نسبة الجزء المعمور ما يزيد على 12%.
وأوضح رئيس الوزراء في هذا الصدد أن حلم رئيس الوزراء الراحل الدكتور/ كمال الجنزوري عندما تولى مسئولية وزارة التخطيط أن تكون نسبة مساحة المعمور في مصر من 15% إلى 20%، مشيرًا إلى أننا اليوم بعد الانتهاء من المشروعات التي نعمل عليها الآن ستتجاوز نسبة المعمور الـ 15%، مضيفًا أن زيادة النسبة تتطلب بالطبع مئات المليارات من الجنيهات؛ من أجل تنفيذ مشروعات التنمية التي تسهم في زيادة مساحة المعمور.
واستكمل حديثه بالتطرق إلى قطاعي الصحة والتعليم، وقال: إلى جانب ذلك عملت الحكومة أيضًا على ملفي التعليم والصحة، وعلى الرغم من المشكلات التي لا تزال تواجه قطاع التعليم إلا أن خريجي الجامعات المصرية على درجة عالية من الكفاءة ومطلوبون في سوق العمل العالمية بما فيها الدول المتقدمة، ونعلم جميعًا كفاءة خريجي كليات الطب في الجامعات الحكومية، وكذا الريادة التي يحققها المصريون في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالخارج، مشيرًا في هذا الصدد إلى أنه مثلًا تعلم شخصيا في مدارس حكومية وتخرج في جامعة حكومية وحصل مثل الكثيرين على منح للدراسة في الخارج.
كما أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن المسئولين في قطاع الاتصالات بالدول المحيطة هم من المصريين، ونحن بحاجة إلى تطوير التعليم ما قبل الجامعي وهو تحد كبير للغاية، فالمشكلة ليست في بناء المدارس فقط، علماً بأن تكلفة الفصل الواحد تتجاوز مليون جنيه، وبالتالي تكلفة المدرسة تساوي حاصل ضرب إجمالي عدد الفصول في تكلفة الفصل، لكن السبب الاساسي والأهم هو المعلم، حيث إن تحدي زيادة عدد الطلاب والعمل على تقليل الكثافات الطلابية في الفصول يحتاج إلى توفير عدد كبير من المعلمين، وذلك نتيجة التأخير في إنشاء وتنفيذ المنشآت التعليمية الكافية التي كانت تتواكب مع تسارع الزيادة السكانية، بالإضافة إلى تأهيل وتدريب المعلمين.
وفي الإطار نفسه، أكد رئيس الوزراء أن هذا الملف يمثل أولوية قصوى للدولة والحكومة، مشيراً إلى أن التحول وإنشاء دولة حقيقية متقدمة لا يحدث خلال بضع سنوات قليلة، فكل التجارب التي تسمي النمور الآسيوية، مثل : كوريا ، وماليزيا، واليابان، وسنغافورة، أقل تجربة منها طبقا لعدد سكانها القليل استغرقت سنوات؛ فسنغافورة مثلا تعداد سكانها يصل إلى 5 ملايين وقد احتاجت أكثر من 20 عاما حتى تتحول من دولة متأخرة إلى دولة متوسطة المستوى، وكذلك ماليزيا احتاجت أكثر من 20 عاما، وكوريا أكثر من 30 عاما، والصين وهذه التجربة العظيمة تم تنفيذها في أكثر من 70 عاما، مضيفاً أن تجربة مصر تحتاج الوقت والفرصة الكاملة حتى تصل إلى الدولة التى يحلم بها كل مصري، فالدولة لديها القدرة والإرادة لتنفيذه، وهذه الافكار كانت موجودة وتمت مناقشتها قبل 2011، لكن لم تكن هناك قدرة وإرادة لتنفيذ هذه الافكار، هناك أفكار كثيره وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، لديه القدرة والإرادة لتنفيذها، وهو ما يحدث حاليا، حتى وإن كانت هناك بعض المعوقات أو التحديات أثناء التنفيذ وهو أمر وارد وطبيعي أن يحدث، إلا أن نسبة التنفيذ وصلت إلى ما يتراوح بين 70%- 75% ولذا فهي تجربة إيجابية للبناء على هذه النسبة ومعالجة السلبيات.
كما أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الدولة المصرية تتحرك نحو تنفيذ كل الخطط والاستراتيجيات الموضوعة من قبل لعدم وجود رفاهية الوقت بإعادة التخطيط من البداية، وهذه هي مشكلة مصر منذ عصر الفراعنة، كل ملك أو فرعون كان يقوم بإزالة اسم الفرعون أو الملك السابق ويضع اسمه حتى يصبح صاحب الإنجاز، وكل ما نقوم به الآن هو العكس، فنحن نقول إن هناك خططا ومحاولات جيدة جداً في السابق نبني عليها مثل مشروع شرق بورسعيد، ومشروع توشكى.
واضاف رئيس الوزراء: من الممكن أن توجد أخطاء في ذلك النهج ولكن يتم تصحيحها أثناء المسار، وهذا ما قامت به الدول الأخرى؛ فقد استمرت الصين بعد ما قررت تغيير تجربتها منذ أواخر السبعينيات وتبدأ في تصحيح الأوضاع، وهذا ما مكنها من الوصول لمكانتها الحالية بعد أكثر من 50 عاما.
وفي السياق نفسه، تابع رئيس الوزراء: هذا ما أؤكد عليه، فالدولة اليوم تعمل بهذا النهج، ولكن التحدي الأكبر يتمثل في أن الظروف التي شهدتها فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي كانت توفر فرصة من حيث الاستقرار، ولكن اليوم حجم التحديات أكبر وأعظم، والضغط واضح تماما على مصر والمنطقة والعالم كله.
وأضاف الدكتور مدبولي: نحن نمضي اليوم ونواجه أكثر من تحد، ونعمل على بناء الداخل لكي نصبح قوة ذات تأثير وقادرين على تحقيق مصالحنا في دولة لا تريد أن يكون لها أحلام أو توسعات على حساب دول أخرى، ولكن على العكس تماما، نحن نريد أن تتقدم مصر وتتقدم الدول المحيطة أيضا، وهذه العقيدة موجودة في مصر ولن تتغير.
واستطرد: ولكن هذا هو التحدي الأكبر؛ كيف تبني دولة وتستمر على النهج المتبع في الوقت الذي يشهد فيه حجم تحديات وعدم يقين بدرجة كبيرة وهو ما شهدته الفترة السابقة.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: قبل جائحة كورونا كانت مستويات النمو في مصر تبلغ 5.6%، ولكن جاءت الصدمات الخارجية المتعاقبة، وأدت إلى مشكلات كبيرة جدا، ونحن اليوم كدولة نتعامل مع تلك المشكلات بقوة.
وتطرق رئيس الوزراء إلى ملف سد النهضة، لافتا إلى إعلان هذا المشروع صراحة في شهر أبريل من عام 2011 وبدء خطواته التنفيذية بعد ذلك في ظل معطيات وظروف مصر التي نعلمها جميعا في هذا التوقيت.
وقال: نحن حريصون كدولة على معطيات الإقليم وعلاقاتنا مع كل الدول، وكنا نعمل على كيفية الوصول إلى التعامل مع هذا المشروع، مؤكدا أن مصر ليست ضد التنمية، وإنما ضد أي شيء يؤثر سلبيا على مصر، فلقد تعاملنا مع هذا السد في ضوء تلك المعطيات والثوابت، وحتى هذه اللحظة نجحنا أن نجعل هذا المشروع يكون بأقل الأضرار على مصر في ضوء المشروعات الأخرى التي قمنا بها، ولكن التحدي الذي نذكره والذي ذكره وزير الخارجية، والأساس بالنسبة لنا هو حماية حصة مصر المعروفة في مياه النيل والحفاظ عليها، وبالتالي فأي معطيات جديدة من شأنها أن تؤثر على هذه الحصة، وسيكون للدولة المصرية توجه آخر تماما وبالتالي نحن نتحرك في إطار هذا النهج بكل المعطيات الدبلوماسية والفنية وغيرها.
وبالنسبة للشأن الداخلي، أشار رئيس الوزراء إلى زيادات الأسعار في الفترة الماضية والثمن السياسي لها، وقال: لقد تعاملنا مع صدمات خارجية هائلة أدت إلى مشكلات تضخم الأسعار وزياداتها، ولو كانت هذه الأزمة مؤقتة كان يمكن أن تتحمل الدولة هذا الأمر دون تصديره للمواطنين، فهناك دول أخرى من الدول المتقدمة تُمرر كل شيء على المواطن، حيث يتم إدارة الدولة كمؤسسة اقتصادية، موضحًا أن بعض الدول الأوربية على سبيل المثال بدأت تصيغ برامج إعانة عبر إعطاء المواطن مبلغا معينا كشكل من أشكال الدعم، في مقابل الزيادات التي تحدث في أسعار السلع والخدمات.
وأضاف: ما حدث في مصر هو أننا خلال أزمة جائحة “كورونا” تعاملنا مع الأمر على أنه أزمة مؤقتة ولم نتجه إلى زيادة الأسعار، وبعد ذلك واجهنا تبعات الأزمة الروسية الأوكرانية، وكان من تداعيات هذه الحرب على سبيل المثال، ارتفاع أسعار القمح من 230 دولارًا إلى 540 دولارًا.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي، ردًا على ما عرضه أحد المفكرين بشأن حلم تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح،: كيف لدولة أن تحقق الاكتفاء الذاتي من القمح وهي تستورد أكثر من 50% على الأقل من احتياجاتها منه، وهو ما يحمل الدولة فاتورة ضخمة، مشيرًا إلى أن الدولة كان من الممكن أن تتحمل هذه الفاتورة على أمل أن تكون هذه الأزمة عابرة، لكن إذا كانت الأزمة تتفاقم على مدار 4 أو 5 سنوات ، فإن الأمر مختلف.
وتابع: لا تزال الدولة تتحمل النسبة الأكبر من تكلفة الخدمات المُقدمة للمواطن مقابل تمرير جزء من هذه التكلفة في هذا الشأن، مستعرضًا في هذا الصدد الجهود الكبيرة المبذولة في تنفيذ المشروعات المختلفة بالمبادرة الرئاسية “حياة كريمة” لتطوير الريف المصري، حيث يتساءل البعض على تأثير هذه المشروعات على القرى، لافتًا إلى أن مشروعات الصرف الصحي التي يتم تنفيذها ضمن المبادرة الرئاسية وحدها تعد انجازا إلى جانب عدد آخر مهم من الخدمات المُقدمة، مشيرًا إلى أن سكان القرى التي لم تصل إليهم خدمات مشروع المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” يطلبون تعجيل تنفيذ المشروعات في قراهم في أقرب وقت، خاصة مشروعات الصرف الصحي التي تمثل أهمية كبرى بالنسبة للقرى.
وتطرق رئيس الوزراء إلى أن عددا كبيرا من الأمراض في الريف المصري كان سببها أن لدينا مشاكل كبيرة في هذا الشأن فيما يتعلق بالصرف الصحي، ونعمل على بذل المزيد من الجهود لحل هذه المشكلات التي تتعلق بالمواطن المصري، مشيراً إلى أنه فيما يتعلق بملف التعليم، فإن التعامل مع هذا الملف يحتاج إلى المزيد من الوقت، لافتا إلى ما تم من تحرك في هذا الشأن، والذي تضمن العمل على تحديث المناهج، منوها إلى جهود الوزير الأسبق الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، فيما يتعلق بتطوير وتحديث المناهج، قائلا: مستمرون في أعمال تطوير المناهج، جنبا إلى جنب تطوير أداء المعلمين، واعطائهم المزايا المالية التي تشجعهم على العمل”، مضيفاً: تتضمن الجهود التعامل مع مشكلة كثافات الفصول، مؤكدا أن التعامل مع مكونات ملف التعليم شديد التركيب والتعقيد، وأن هناك جهودا كبيرة يتم بذلها حالياً وتحرك على الأرض لأحداث مزيد من التحسن في هذا الملف.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن كثافة الفصول على سبيل المثال في المرحلة الثانوية العامة في عام 1983 وصلت إلى أكثر من 40 طالبا، وحينها كان عدد سكان مصر أكثر من 40 مليون مواطن، واليوم نعمل على تطبيق العديد من الإجراءات خارج الصندوق سعيا إلى أن يصل متوسط عدد الطلاب بالفصل إلى 50 طالب، على الرغم من أن عدد السكان حالياً وصل إلى أكثر من 110 ملايين مواطن.
وأكد رئيس الوزراء أهمية الاستمرار في تطوير وتحديث المناهج، وخاصة ما يتعلق بالرسائل الواجب إرسالها للتلميذ والطالب المصري من خلال العديد من المواد الدراسية، كمادة التاريخ، والتربية الوطنية، لافتا إلى دور القامات الفكرية مثلكم في ضرورة التوجيه بالخطوات الواجب تنفيذها في هذا الشأن.
وفيما يتعلق بملف الدعم والتحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، أشار رئيس الوزراء إلى أن هذا الملف تم توجيهه للحوار الوطني للوصول إلى قرار بشأنه، مؤكداً التزام الحكومة بتطبيق ما سيتم التوصل إليه من توصيات وقرارات بخصوص هذا الملف، لافتا إلى أن الشكل المطبق به ملف الدعم حاليا غير مقبول، قائلا : الدولة على استعداد لضخ المزيد من الأموال الموجهة لملف الدعم، ولكن لابد أن نضمن أنه موجه للمستفيدين الحقيقيين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة، المستحقة للدعم.
وفيما يتعلق بقانون الإجراءات الجنائية، قال رئيس الوزراء إن أضلاع مثلث قانون الإجراءات الجنائية يتمثل الضلع الأول النيابة العامة والدولة والأجهزة التنفيذية، والضلع الثاني هو المواطن الذي يدخل في حيز الاتهام ومعه محاميه، والضلع الثالث هو القضاء، مضيفا أن قانون الإجراءات الجنائية في البرلمان يتم مناقشته في جلسات مغلقة وذلك في وجود جميع الأطراف؛ حتى نصل إلي التوافق في هذا الموضوع.
وفي ختام تعقيبه، أكد الدكتور مصطفى مدبولى تحرك الدولة في جميع القطاعات، وأن الحكومة تسعى في هذه المرحلة إلى بناء الدولة لكي تكون دولة قوية بكل ما تعنيه الكلمة، فنحن لا نحاول أن نهمل الوضع الخارجي لكن المعطيات تختلف والدولة لديها أشكال أخرى في التعامل مع هذا الملف لتحقيق الهدف الأسمى وهو مصلحة الوطن فى هذا الاقليم شديد التعقيد.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: الدولة المصرية تهتم جداً بالثقافة كقوة ناعمة، مشيراً إلى محاولة مصر الرجوع إلى الريادة في هذا المجال، مشيرا إلى أن جميع الفعاليات التي مازالت تُنظم في الدول الأخرى يقوم بتنفيذها وإحيائها الفنانون والمثقفون المصريون وهو ما يعكس الدور المصري الذي لا يزال موجودا لكن يحتاج إلى تطوير.
في ختام لقائه بالقامات الفكرية اليوم:
رئيس الوزراء يُعقب على المداخلات ذات الصلة بالشق الاقتصادي
مدبولي: ما تم إنجازه خلال السنوات العشر الماضية في ملف الزراعة لم يحدث في تاريخ مصر
الدولة تهتم بتنظيم العلاقة بينها وبين القطاع الخاص لنستمر في معدلات النمو المستهدفة
في ختام مداخلات القامات الفكرية حول الشق الاقتصادي، خلال لقاء رئيس الوزراء بهم مساء اليوم، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، أهمية هذه اللقاءات، وأنه قام بتدوين كل الملاحظات التي تقدموا بها، وسيكون هناك فرصة لعقد لقاءات أخرى لمناقشة العديد من النقاط بشكل متخصص.
وقال رئيس الوزراء: اسمحوا لي أن أؤكد أهمية هذه اللقاءات، وأضاف: كل الملاحظات التي تقدمتم بها قمت بكتابتها، وسيكون هناك فرصة للقاءات مصغرة مع حضراتكم لمناقشة العديد من النقاط.
واستطرد: أود أن أعلق على عدد من النقاطـ، بداية مما أثير بشأن التحدي في إصلاح العديد من المنظومات؛ كالضرائب والجمارك، مؤكدا أن ذلك يمثل جزء من الأولوية القصوى بالنسبة لمصر، وفي خلال شهور بسيطة يتم إصلاح هذه المنظومة بصورة كبيرة جدا ضمن تحسين مناخ الاستثمار ومنح الثقة للمستثمر المحلي قبل الأجنبي في أن الأمور مستقرة.
وتابع: هذا الملف يمثل مشكلة كبيرة جدا، وقد استمعت للعديد من رجال الأعمال بشأنه. فالمشكلة ليست في قيمة الضرائب ولكنها تكمن في آلية التطبيق والتقدير الجزافي والمشكلات التي تتم، مؤكدا أن الحكومة وخاصة وزير المالية تعمل بقوة في هذا الشأن.
وأضاف رئيس الوزراء: بالنسبة لملف التصدير، نحن نضع مستهدفا بأرقام نتمنى أن نتجاوزها في خلال عام 2030، وهو أن نحقق رقما كبيرا جدا، من الممكن أن يكون ما زال أقل من دول أخرى، ولكن بالنسبة لمصر فمن المستهدف مضاعفة الأرقام الموجودة حاليا من ثلاث لأربع مرات في خلال تلك الفترة، وهذا المستهدف جاء بناء على لقاءات ونقاشات كثيرة مع جمعيات ومجالس التصدير، وقد أكدوا أننا قادرون كدولة على تحقيق هذه الأرقام.
وتابع: ولكن يبقى أيضا كيفية تحسين الإجراءات في هذا الشأن، وهي مسؤولية وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، وسوف نخرج بإجراءات واضحة جدا فيما يخص دعم الصادرات وتحسين آليات التجارة الخارجية خلال الفترة القادمة، بحيث يتم تفعيلها قبل نهاية عام 2024.
وبالنسبة للتحول الرقمي، أكد رئيس الوزراء أن مصر قطعت شوطا كبيرا جدا في هذا الملف، من حيث البنية الأساسية والتطبيقات، مشيرا إلى أن هدف نقل مؤسسات الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة كان يكمن في “التحول الرقمي”، بحيث نصبح بنهاية عام 2025 دولة لا ورقية، قائلا: وسنكون قادرين على تنفيذ ذلك.
وأضاف: المشكلة ليست فقط على المستوى المركزي، ولكن التحدي الأكبر في تقديم الخدمات، واليوم لدينا بوابة مصر الرقمية التي شملت حتى الآن 140 خدمة. وأوضح أنه يبقى مدى وعي المواطن بالدخول على هذه المنصات وتطبيقاتها والاستفادة منها لأن ذلك الأمر مشترك.
واستطرد: اتفق مع حضراتكم فيما يخص الإعلام عن هذه الخدمات، فما زالت هناك مساحة كبيرة للتطوير، لكي يدرك المواطن حجم ما يتم على الأرض، ويدرك وجود خدمات تُقدم من خلال الصورة الإعلامية. فهناك عدد من المصريين يستفيد من الخدمات الرقمية، مثل استخراج بطاقة رقم قومي وتجديد جواز سفر، ولكن ما زالت الغالبية لا تعي ذلك.
وفيما يتعلق بموضوع الزراعة، قال رئيس الوزراء: نحن مقيدون بكمية المياه المتاحة لنا، وليس الأراضي أو التوسع الأفقي، موضحا أن ما تم إنجازه خلال السنوات العشر الماضية لم يحدث في تاريخ مصر، بدون مبالغة، وفيما يخص كيفية الاستفادة من كل موارد المياه، فإنه يتم تحليتها ومعالجتها والاستفادة منها، والأهم أن الدولة تنفذ مشروعا مهما تسعى للانتهاء منه خلال العامين القادمين، هو إضافة 3 ملايين فدان كأراضٍ زراعية جديدة، مع نفس كميات المياه، وهذه المشروعات تقوم الدولة بتنفيذها باستثمارات هائلة.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أنه بشأن ما يثار بأن الدولة تزاحم القطاع الخاص وتتغول عليه، إلا ان الواقع يشير إلى عكس ذلك، حيث ان ظروف مصر تفرض أن تعمل الدولة والقطاع الخاص سوياً، وتكون الفكرة في توزيع الأدوار وتحديد القطاعات ذات الأولوية، مؤكداً ان هناك قطاعات لا يريد القطاع الخاص الدخول فيها، وذلك بحسابات المكسب والخسارة، وبالتالي ستظل قطاعات مثل البنية الأساسية وبعض الخدمات والصناعات المهمة للدولة الدور الأساسي بها، حيث أن أعتى الاقتصادات الرأسمالية بها قطاعات معينة تضطلع بها الدولة، والحقيقة أن الدولة تهتم بتنظيم العلاقة بينها وبين القطاع الخاص لنستمر في معدلات النمو المستهدفة.
وأشار إلى أن الظروف التي فُرضت علينا خلال العامين الماضيين، تؤكد أنه لا بد من الاستمرار في التشدد المالي لفترة من أجل خفض معدل التضخم، ولكن الدولة سيظل دورها موجودا في عددٍ من القطاعات المُهمة لتساعد في خلق فرص العمل التي تساعد في زيادة النمو، أما القطاعات التي نرى ضرورة أن ينطلق بها القطاع الخاص بقوة، سنشجعه على الدخول فيها، ونذلل كل العقبات.
كما تطرق رئيس الوزراء إلى ملف السياحة، مشيراً إلى أن الدولة عندما بدأت ملف الطروحات بالشراكة مع القطاع الخاص، سواء المحلي او الأجنبي، ليدير معنا الأصول الخاصة بقطاع السياحة، كان ذلك توجهاً مهماً، داعياً الخبراء في هذا المجال إلى إيضاح الحقائق، حيث أن الدولة عندما أعلنت عن صفقة الفنادق أثار البعض أن الدولة تبيع الفنادق، ولكن القضية أننا شجعنا القطاع الخاص على الدخول معنا في شراكات بحيث تمتلك الدولة حصة كبيرة في هذه المشروعات، مع الاستفادة من إمكانات القطاع الخاص في تطوير القطاع واستغلال إمكاناته، بما يحقق عوائد كبيرة للدولة، وهذا هو الفكر الذي يجب أن يُدركه الجميع، ولابُد للقطاع الخاص أن يقوم بدور كبير في هذا القطاع.
ولفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن الدولة إذا كانت تستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح فإنا نحتاج اليوم إلى بناء ما يزيد على 200 ألف غرفة خلال من ثلاث إلى أربع سنوات، ولكن المسألة هنا هي هل يستطيع القطاع الخاص بناء هذا الكم بمفرده؟، لذلك نحن نضع مبدأ الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص لكي نتمكن من التحرك بسرعة، فهناك فرق بين توفير هذه الغرف على مدار 20 سنة، وبين توفيرها على مدار خمس سنوات، لأن هذا الأمر يساعدنا على توفير تكلفة الفرصة البديلة في الانتظار لمدة 20 سنة لإنهاء الأمر، ولكن يبقي الأهم أن الإدارة والتشغيل يبقي مسئولية القطاع الخاص لقدراته ونجاحاته في تنفيذ هذا الموضوع.
وانتقل الدكتور مصطفى مدبولي، للتعقيب حول موضوع الزراعة، قائلاً: “أتمنى الوصول لعدم استيراد القمح نهائياً، ولكن في الواقع لا تستطيع دولة على مستوى العالم أن تعلن اكتفاءها ذاتياً في كل المنتجات، ولكن في ظروف مصر التي لديها مساحة زراعية محدودة، فأهم شئ هو التركيبة المحصولية وكيفية تحقيق أعلي عائد من الأراضي بكمية المياه المتاحة وتحقيق عائد أكبر”.
مضيفاً خلال تعقيبه: “اليوم الدولة المصرية من أعلى الدول في الصادرات الزراعية، ونحقق اليوم أرقاما وطفرات كبيرة جداً في هذا المجال، ولكن يبقي السؤال هل نحن قادرون على زراعة كل الأراضي بالقمح؟ ففي مقابل ذلك سوف أفقد محاصيل أخرى لها أفضلية وفرص تصدير عالية وجزء من موارد النقد الأجنبي لمصر، فبالتالي يظل الموضوع مزيجا من التركيبة المحصولية التي يمكن التحرك فيها في ضوء كميات المياه المتاحة لنا، وتنفيذ طفرات كبيرة في التوسع الرأسي، من خلال زيادة إنتاجية الفدان من المحاصيل”.
وتابع: “كل هذا نعمل عليه الآن، وأعتقد أنه خلال الثلاث أو الأربع سنوات القادمة سيشعر المواطن المصري بطفرة كبيرة جداً في هذا الملف مع دخول المشروعات الكبيرة التي نعمل عليها، ومرة أخرى لا يستطيع القطاع الخاص أن يُنفذ حجم البنية الأساسية المطلوبة لاستصلاح 3.5 مليون فدان، ولذلك لأن قيمة تكلفة البنية الأساسية تشمل محطات لمعالجة المياه، ومحطات رفع، وقنوات وترع، ومسارات مدفونة تحت الأرض، واستصلاح وبنية أساسية من كهرباء، تصل فيها تكلفة الفدان ما بين 250 إلى 300 ألف جنيه”.
وأضاف رئيس الوزراء: “هل هناك بديل لدينا عن ذلك، البديل يكون في حالة توافر موارد دولارية أن أتوجه إلى الاستيراد، ولكن مصر تعمل على هذا الأمر بهدف توفير فرص عمل وتحقيق جزء من الأمن الغذائي، ويبقي التحدي الكبير أنه إذا كان لدى مصر اكتفاء ذاتي في فترة ما عندما كان عدد السكان من 10 إلى 20 مليون نسمة، فإننا اليوم وصلنا إلى 120 مليون نسمة في ضوء نفس كمية المياه المتوفرة، هذا هو التحدي الكبير الذي نعمل عليه”.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن هناك دولا لديها كميات كبيرة جداً من المياه أغلبها من الأمطار بكميات هائلة تستطيع من خلالها الزراعة بدون بنية أساسية، مثل التي نضطر نحن لتنفيذها، حيث أن مصر تعد من أعقد الدول في مسألة البنية الأساسية الزراعية مثل الترع والمصارف، فلا توجد دول كثيرة على مستوى العالم لديها هذه الشبكة المعقدة الموجودة في مصر المبنية من القرن التاسع عشر، والتي نعمل على تطويرها باستمرار، حيث أن أغلب الدول حتى المتقدمة منها التي لديها طفرات تعتمد على الأمطار ولديها مراع كبيرة جداً وثروات بحكم كميات المياه المتاحة لها، نعم يوجد لديها تنظيم ولكن ليس لديها هذه الشبكة المعقدة الموجود في مصر.
وانتقل رئيس الوزراء للحديث حول الدين، قائلاً: “نحن نعمل على موضوع تحديد سقف الدين، ولكن لا أعلم إذا كان هناك تقصير من الحكومة فبالرغم من ظهورنا اعلامياً للحديث حول هذا الأمر واتاحة البيانات الكافية، ومع ذلك، عدد من خبرائنا ما زالوا يجهلون هذه الأرقام، لذلك نحتاج إلى المزيد من التواصل.
ووجه الدكتور مصطفى مدبولي، بأن يكون التواصل بشكل مستمر ودائم بين السادة الوزراء في المجموعة الاقتصادية والخبراء لإيصال المعلومات للمواطن، موضحاً عدم علم الكثير من المواطنين بالإنجاز الضخم التي حققته مصر للقضاء على فيروس سي، مضيفاً أن منظمة الصحة العالمية أشادت بما توصلت إليه الدولة المصرية من نتائج للقضاء على هذا المرض ووصفته بالمعجزة، وكيف تخطت مصر دولا متقدمة وبنتائج مبهرة، لتتحول من دولة كانت رقم واحد في الاصابة بفيروس سي، وتصبح دولة هي الأقل اصابات من الدول المتقدمة، ومع هذا نحتاج إلى تكرار ذكر هذا الموضوع حتى يشعر المواطن بالثقة تجاه ما تقدمه الدولة من خدمات.
وأضاف رئيس الوزراء أن الحكومة تعمل خلال الفترة الحالية على زيادة مؤشر الثقة المجتمعية مع المواطن المصري، وهو ليس من السهل إعادة بنائه، حيث فُقد على مدار فترة زمنية طويلة، وأن عام 2011 هو عنوان لهذا الموضوع، وبالتالي فإن إعادة بناء هذه الثقة أمر مهم جداً، ولم تكن سهلة في ضوء التحديات الموجودة.
وأشار رئيس الوزراء، إلي أن هناك خلطاً بين التضخم ورفع أسعار الخدمات، موضحاً أنه يتم بشكل أسبوعي ودوري عقد اجتماع مع وزير الكهرباء ووزير البترول ووزير المالية وقد ينضم محافظ البنك المركزي، منوهاً أن هيئة البترول لم تكن قادرة على توفير ليس فقط العملة الاجنبية لكن ايضاً توفير الجنيه المصري، لإتاحة التزامات واحتياجات المواطن المصري، وذلك نتيجة الفجوة الكبيرة بين التسعير الحقيقي للسلعة وما يتم التسعير به، وهو ما جعل الدولة تدخل من خلال وزارة المالية بالدين والاقتراض لتوفير المواد الأساسية للمواطن، وبالرجوع إلي نقطة التوازن على الأقل يجب توفير احتياجات هيئة البترول، وأن تبيع بسعر متوازن حتي يمكن تدبير احتياجاتها، وتدبير احتياجات المواطنين، حيث تم تحميل الأعباء على الحكومة لفترة طويلة، لكن لم يعد بالإمكان أن نستمر في تحميل هذه الأعباء، بالتالي كان يجب أن يتم تحريك الأسعار بنسبة، برغم أن بعض آراء الخبراء الاقتصاديين كان أن يتم رفع السعر مرة واحدة ورفع الدعم بالكامل، ولكن وجدت الدولة أن الأرقام لا يستطيع المواطن أن يتحملها، وبالتالي كان الخيار التدرج في رفع جزء من الدعم والتحرك على مدي زمني طويل، مع العلم بان ذلك لم يجعل معدل التضخم يتباطآ بالسرعة المطلوبة.
وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة تعمل على تخفيض الدين الخارجي، وكذا الدين المحلي، وأن هناك مستهدفات واضحة جداً في هذا الصدد، ورداً على ما يثار من أن ذلك يأتي ضغطاً على الدولة من جانب صندوق النقد الدولي، أكد رئيس الوزراء عدم صحة هذا القول، مجددا الإشارة إلى أن هذا هو توجه الدولة المصرية، وأن تخفيض الدين يأتي ضمن ثوابت وأهداف الدولة التي تسعى لتحقيقها، قائلا:” دور الصندوق هو المساعدة في تحقيق هذه المستهدفات، والأهم هو تسويق ما تقوم به مصر من جهود في هذا الشأن لمختلف دول العالم، وأن مصر تسير على المسار الصحيح اقتصادياً”.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن مختلف دول العالم الآن ليست بمعزل عن بعضها البعض، وأن مؤسسات التصنيف الدولية، تعتمد على تقارير صندوق النقد الدولي، لافتا إلى جهود التعاون والتكامل مع هذه المؤسسات، سعياً لتحسين لشكل مصر، والعمل على نقل الصورة الجيدة لها، وذلك بما يمكن من جذب وتشجيع الاستثمارات الاجنبية لها في مختلف القطاعات، منوها إلى ما يتم عقده من اجتماعات ولقاءات دورية مع العديد من المستثمرين الأجانب، الذين يؤكدون رغبتهم في ضخ استثمارات في مصر، وهذا يرجع إلى ما قامت به الدولة من إصلاحات جيدة في السياسة النقدية وكذا السياسة المالية، هذا فضلا عن التقارير الدولية الصادرة عن العديد من المؤسسات المالية الدولية حول أداء الاقتصاد المصري، وهو ما يسهم في الترويج لمصر على المستوى العالمي.
وأكد رئيس الوزراء أهمية معرفة المواطنين بدور التعاون والتكامل مع العديد من المؤسسات الدولية، في الترويج للاقتصاد المصري، والتشجيع على ضخ المزيد من الاستثمارات بها.
ونوه رئيس الوزراء إلى أهمية توسيع الحيز المالي للإنفاق على الشق الاجتماعي، لافتا إلى خطوات تحرك الحكومة في هذا الاتجاه، وكذا ما يتم أيضاً من جهود لخفض معدلات التضخم حتى نهاية عام 2025، وهو الذي من شأنه اتاحة المساحة للدولة لزيادة الانفاق الاجتماعي بصورة كبيرة اعتباراً من بداية عام 2026، تحقيقاً للطفرة المأمولة في هذا الشأن.
وفي ذات السياق، تطرق رئيس الوزراء إلى الجهود المبذولة في إطار تطبيق موازنة الحكومة العامة، مشيراً إلى ما تم خلال الموازنة العامة لهذا العام ولأول مرة، تضمنت مختلف الهيئات الاقتصادية بجانب أجهزة الحكومة والأجهزة الموازنية، منوهاً إلى أن رأى المؤسسات الدولية في هذا الصدد، ضم الهيئات الاقتصادية على مراحل وبصورة متدرجة، ولكن تم تنفيذ رؤية الدولة في التعامل مع هذا الملف والعمل على حله بشكل جذري وضم كافة الهيئات الاقتصادية، وهو القرار الذي أثنت عليه مختلف المؤسسات الدولية، قائلا:” حرصت الدولة على التحرك في هذا الملف بشكل متكامل للانتهاء، وهو ما يعطي صورة حقيقية عن شكل الاقتصاد المصري”.
وعما يتم انفاقه على ملفي الصحة والتعليم وعدم وصول هذا للإنفاق للمرجو، أشار رئيس الوزراء إلى أنه بتطبيق مفهوم موازنة الحكومة العامة سنصل إلى المستهدف، حيث سيتم رصد ما يتم انفاقه من خلال الهيئات الاقتصادية والجامعات، هذا جنبا إلى جنب مع ما يتم انفاقه من خلال الأجهزة الموازنية.
ونوه رئيس الوزراء إلى أن هدف تطبيق موازنة الحكومة العامة، هو تحقيق الحوكمة لمختلف مؤسسات الدولة.
وتطرق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى ما يثار حول التراجع الثقافي، مؤكداً أن إدارة هذا الملف تحتاج إلى قرار وتطوير، ولكن كبشر فلاتزال الثقافة والجين المصري مؤثراً، ولكن تختلف الثقافات، فلو لاحظتم الأجيال الشابة الموجودة الآن يمكن أن يكون الذوق العام لديها مختلفا عن الأجيال السابقة لها وهذا ليس معناه التدهور، وإنما يحدث تغيير في الذوق، وبالتالي ليس شرطاً أن يكون ما نبني عليه موروثنا الثقافي يتطابق مع الأجيال الجديدة.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي، قائلاً: “أرجو منكم الجلوس مع الأجيال الجديدة من الشباب والأطفال ولاحظوا مدى وعيهم بالتحديات العالمية ومعرفتهم بقضاياها، وسوف تذهلون من إلمام أطفال لديهم 10 أو 12 عاماً بالأحداث العالمية ولديهم استقراء حولها من السوشيال ميديا، ولكن المهم التأكيد عليه هنا ألا يضيع الموروث الوطني والهوية الوطنية لديهم في ظل موجات العولمة الموجودة”.
وانتقل رئيس الوزراء للتعقيب حول الرياضة، قائلاً: اتفق مع ما تم طرحه من أن الرياضة هي عملية احترافية، وأنه ليس شرطاً أن يكون الجين المصري متفوقا في كل الرياضات، لذلك بدأنا التركيز على الرياضات الفردية التي لدينا عنصر تفوق فيها ولدينا فيها فرصة للنمو والتقدم، وهو شيء مهم جداً.
واختتم الدكتور مصطفى مدبولي، حديثه بالتعقيب على ما تمت إثارته فيما يخص قضية اللاجئين والمهاجرين، قائلاً: اتفق مع قيل في حاجتنا لإيقاف الحملة الإعلامية غير الرشيدة على السوشيال ميديا ضد ضيوف مصر، وأيضاً نحن نعمل على تعديل القوانين الخاصة بهذا الموضوع، لأنه أمر في غاية الأهمية، كما اتفق معكم في أن الإشاعات عندما تزيد فذلك يكون بسبب فجوة في المعلومات، واعتقد أننا بحاجة كدولة على العمل بجهد أكبر في هذا الشأن.
ووجه رئيس الوزراء في الختام، الشكر للسادة كبار المفكرين على تشريفهم ووقتهم، معبراً عن سعادته بلقائهم كبداية مناقشة عامة، مع وعد بلقاءات أخرى مصغرة متخصصة تكون أكثر تفصيلاً.