كلمة نقيب الصحفيين في افتتاح البرنامج التدريبي للصحفيين حول تغطية القضايا الدينية والإفتائية تحت رعاية دار الإفتاء المصرية

كلمة نقيب الصحفيين في افتتاح البرنامج التدريبي للصحفيين حول تغطية القضايا الدينية والإفتائية تحت رعاية دار الإفتاء المصرية

بسم الله الرحمن الرحيم

السادة الحضور الكريم،

فضيلة الأستاذ الدكتور / نظير عياد مفتي الجمهورية،

فضيلة الأستاذ الدكتور / أسامة الأزهري وزير الأوقاف

فضيلة الأستاذ الدكتور / محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف

أصحاب الفضيلة والعلم،

زملائي الصحفيين والإعلاميين،

 

يطيب لي في بداية هذا اللقاء المهم أن أتوجه بالشكر الجزيل لدار الإفتاء المصرية على هذه المبادرة الطموحة، التي تجمع بين المهنية الإعلامية والدقة الشرعية في إطار من التعاون البنّاء والشفافية. فهذا البرنامج ليس مجرد دورة تدريبية عابرة، بل هو خطوة استراتيجية لتعزيز شراكة حقيقية بين الصحافة والإعلام والمؤسسات الدينية، لخدمة المجتمع وصون وعيه من التشويش والانحراف، وبناء جسر بين المعلومة والمصداقية، واحترام التنوع في المجتمع.. ويبقى الأهم وسط كل ذلك أن نجلس معا.

 

ففي زمن يتسارع فيه تدفق المعلومات وتتنوع مصادرها، يبرز دور الصحفي كحارس للحقيقة، ومدافع عن الحرية بتناول مهني لا ينقل الخبر فحسب، بل يفسره ويضعه في سياقه الصحيح. وهذا يفرض علينا كإعلاميين مسؤولية مضاعفة عند تناول القضايا الدينية، التي تحتاج إلى فهم عميق وحساسية عالية، لأن أي خطأ فيها قد يُنتج تداعيات مجتمعية خطيرة.

 

لذا، فإن هذا البرنامج يمثل فرصة ذهبية كبداية لصياغة فهم مشترك وتدريب جيل من الصحفيين المتخصصين القادرين على:

 

– التمييز بين الفتوى الرسمية والآراء الفردية، وعدم منح المساحة نفسها للرأي الشاذ كما للمنهج الوسطي، دون إغلاق الباب أمام الاجتهاد، فتطور الفقه كمنتج إنساني لا يتطور إلا بالعقل الحر.

– نقل المعرفة الدينية بدقة، بعيدًا عن التضخيم غير المنضبط أو التبسيط المُضلِّل.

– مواجهة الأفكار المتطرفة عبر خطاب إعلامي متزن، يجمع بين حرية التعبير واتاحة الفرصة للاختلاف والمسؤولية المجتمعية.

 

إن حرية الإعلام ودوره التنويري: وجهان لعملة واحدة، فلا تعارض بين دور الإعلام في كشف الحقائق ونشر المعرفة، وبين مسؤولياته في حماية المجتمع من التطرف. فحرية الإعلام ستظل محكومة بالضوابط، القانونية ومقترنة بالحكمة والوعي دون اهدار لحق الصحفي في التناول الحر وهو ما تتمسك به نقابة الصحفيين في إطار النصوص الدستورية والمواد القانونية. وهنا يأتي دور هذا البرنامج في توضيح هذه المعادلة الصعبة، والتي يمكن تحقيقها عبر:

– الشفافية: بالاعتماد على المصادر الرسمية الموثوقة، مثل دار الإفتاء والأزهر الشريف.

– التعاون : بين الصحفيين والعلماء لضمان نقل الرسالة الدينية كما هي، دون تشويه أو تأويل.

– الإبداع: في تقديم المضامين الدينية بأساليب جذابة تواكب العصر، دون المساس بقدسيتها.

 

زملائي الصحفيين،

نحن أمام تحدٍّ كبير، وهو كيف نكون روّادًا لإعلام يبني ولا يهدم، يُنير العقول ولا يغرقها في الفوضى. وهذا البرنامج – بفضل محاوره الغنية ومشاركة نخبة من العلماء والإعلاميين – سيكون لبنة أساسية للبناء وخطوة على طريق صنع هذا التفاهم.

 

وختامًا، فإن حرية الإعلام هي إحدى الركائز الأساسية للمجتمع الديمقراطي، ولكنها حرية تتكامل مع المسؤولية، فلا تُهدر دور الإعلام في التنوير والنقد البنّاء، ولا تُغلق الباب أمام الاجتهاد والتطوير. بل يجب أن نعمل معًا لضمان إعلام حرّ ومسؤول، يحترم عقول الجمهور ويخدم المصلحة العامة.

 

أشكر مرة أخرى دار الإفتاء على هذه الرؤية الثاقبة، وأؤكد أن نقابة الصحفيين ستظل شريكًا داعمًا لكل خطوة تُعزز المهنية والوطنية في عملنا الإعلامي، وأدعوكم لاستمرار هذا التعاون من خلال نقابة الصحفيين ومركز التدريب بها ودورها كمنصة لنشر الفكر الحر والمستنير.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

موضوعات متعلقة

Leave a Comment