خلال فعاليات القمة الدولية للقيادات الدينية بالعاصمة الماليزية كوالالمبور مفتي الجمهورية يدعو إلى تمكين القادة الدينيين من أداء دور فاعل في جهود الوساطة الدولية وحل النزاعات

 

*من القمة الدولية للقيادات الدينية بالعاصمة الماليزية كوالالمبور ..*

 

*مفتي الجمهورية يدعو إلى تمكين القادة الدينيين من أداء دور فاعل في جهود الوساطة الدولية وحل النزاعات*

 

مفتي الجمهورية: التاريخ *الإسلامي قدم نماذج ملهمة في الوساطة وبناء التعايش .. والقادة الدينيون قادرون على تفكيك أسباب النزاع وصناعة التفاهم بين الشعوب*

 

*مفتي الجمهورية: السلام المستدام لا يمكن أن يتحقق بالحلول السياسية وحدها بل يحتاج إلى منظومة أخلاقية وروحية تعززها القيادات الدينية*

 

*من ماليزيا.. مفتي الجمهورية يطلق نداء الأديان لوقف نزيف الدماء وإنهاء الإبادة في غزة*

 

*مفتي الجمهورية يؤكد مصر الثابت والراسخ في دعم القضية الفلسطينية ورفضها أي محاولات لتصفية قضيتهم العادلة*

 

*دار الإفتاء المصرية ستظل منارة للوسطية والرحمة تمد يدها لكل مبادرة تسعى لتعزيز التعايش وبناء مستقبل يسوده الأمن والسلام والعدل*

 

أكد فضيلة أ.د نظير محمد عياد مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن الأديان بريئة من كافة أشكال العنف والوحشية التي ترتكب باسمها، فما جاءت الأديان إلا لترسيخ معاني الرحمة والعدل، وإقامة جسور التآخي بين البشر، وإعلاء قيمة الإنسان كخليفة في الأرض، بعيدًا عن كل صور الاستغلال أو التوظيف المنحرف للنصوص الدينية الذي يقود إلى سفك الدماء وإشعال الصراعات، مشددًا على أن جوهر الرسالات السماوية هو بناء السلام الداخلي والخارجي، وصيانة كرامة الإنسان وحقه في الحياة الكريمة، وأن أي محاولة لإقحام الدين في دائرة العنف والإرهاب إنما هي تشويه متعمد لرسالته السامية، مؤكدًا في هذا السياق أن القادة الدينيين بما يحملونه من تأثير روحي وأخلاقي قادرون على أن يكونوا شركاء فاعلين في حل النزاعات وصناعة التعايش وبناء السلم المجتمعي والدولي.

 

جاء ذلك خلال كلمة فضيلته في القمة الدولية الثانية للقيادات الدينية 2025، المنعقدة اليوم الخميس في العاصمة الماليزية كوالالمبور، تحت عنوان: “دور القادة الدينيين في حل الصراعات”، وذلك برعاية دولة رئيس وزراء ماليزيا السيد “دانو سري أنور بن إبراهيم”.

 

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن موضوع هذا المؤتمر يمثل إدراكا متناميا بأن التحديات التي تواجه عالمنا المعاصر لا يمكن أن تعالج بمنطق القوة وحدها، ولا أن يتم احتواؤها بإجراءات سياسية مجردة، بل تحتاج إلى صوت الحكمة، وضمير حي يستلهم القيم الروحية والإنسانية، ويعيد الاعتبار للبعد الأخلاقي في معالجة الأزمات.

 

وأوضح فضيلة المفتي أن القادة الدينيين قادرون على أن يكونوا شركاء فاعلين في بناء السلام، وصناعة التفاهم، وتفكيك أسباب النزاع، لا سيما في المجتمعات التي تتداخل فيها الأبعاد الدينية مع السياقات السياسية والاجتماعية، مشددا على أهمية صياغة رؤى مشتركة تسهم في تحويل القيم الدينية من مجرد مبادئ نظرية إلى أدوات عملية لحل النزاعات، وتعزيز ثقافة الحوار، وترسيخ السلم المجتمعي والدولي.

 

وبين فضيلته أن السلام المستدام لا يمكن أن يتحقق بالحلول السياسية وحدها، بل يحتاج إلى منظومة أخلاقية وروحية تعززها القيادات الدينية، موضحا أن التاريخ الإسلامي يقدم نماذج رائدة في الوساطة وبناء التعايش، وفي مقدمتها وساطة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بين الأوس والخزرج التي أنهت صراعات قبلية دامية وأرست أسس مجتمع متماسك يقوم على العدل والرحمة.

 

وشدد فضيلة المفتي على أن التكامل بين القادة الدينيين وصناع القرار السياسي، ومؤسسات المجتمع المدني، يمثل نموذجا متقدما في إدارة الصراعات وتحقيق التماسك المجتمعي؛ حيث يسهم هذا التعاون في توسيع دائرة التأثير، وتوحيد الخطاب، وتنسيق الجهود نحو أهداف مشتركة تعلي من شأن الإنسان، وتصون كرامته، وتعزز من فرص التعايش.

 

وعرض فضيلة المفتي جملة من التوصيات العملية لتعزيز دور القادة الدينيين في حل النزاعات، من بينها تنسيق الجهود عبر منصات مشتركة للحوار والتعاون، واستحداث خطط استباقية لمعالجة الصراعات قبل تفاقمها، وكذلك تصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة ومواجهة خطاب الكراهية والتطرف، ودعم الشراكات بين المؤسسات الدينية والمدنية، كما دعا فضيلته إلى تدريب القيادات الدينية على مهارات الوساطة وبناء السلام، وضرورة إطلاق نداء يعرف بـ “نداء الأديان” لرفض الحروب والدماء والإبادة الجماعية.

 

كما تناول فضيلة المفتي التجربة المصرية الرائدة في هذا المجال عبر جهود الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، على المستويين الدولي والمحلي، مثل جهوده في إطلاق وثيقة الأخوة الإنسانية، وقوافل السلام، وحوار الشرق والغرب، والحوار الإسلامي الإسلامي، وبيت العائلة المصرية، لافتًا إلى جهود دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في إطلاق مركز “سلام لدراسات التطرف والإسلاموفوبيا” ليكون منصة معرفية وعلمية متخصصة في دراسة ظاهرتي التطرف والإسلاموفوبيا ورصد تجلياتهما وتحليل آثارهما على المجتمعات محليا ودوليا على نحو يدعم بناء نماذج السلم الاجتماعي ونشر ثقافة التعايش وقبول الآخر المختلف دينيا أو مذهبيا أو عرقيا، ومركز “الإمام الليث بن سعد لفقه التعايش” والذي يعمل على ترسيخ مبادئ التعايش السلمي كما يهدف إلى مكافحة خطاب الكراهية والتطرف الفكري والديني، وإنشاء «وحدة حوار» والتي تقدم المشورة لسائر المشكلات التي تهم السائلين في قضاياهم الفكرية التي تتقاطع مع الدين بشكل أو بآخر، والتي تهدف جميعها إلى ترسيخ ثقافة التسامح وتعزيز المشترك الإنساني.

 

وفي سياق حديثه عن قضايا الصراع الراهنة، خص فضيلته فلسطين وغزة بحديث مؤثر، مؤكدًا أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة جماعية وتهجير قسري يمثل جرائم ضد الإنسانية تتنافى مع القيم الدينية والمواثيق الدولية، وأعلن فضيلته رفضه القاطع لأي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مثمنا الموقف المصري الثابت والجهود الإغاثية والإنسانية التي تبذلها الدولة المصرية وشركاؤها دعمًا لأهل غزة.

 

واختتم فضيلته كلمته بالتأكيد على أن القادة الدينيين ليسوا مجرد رموز روحية بل صناع سلام حقيقيون، وأن دار الإفتاء المصرية ستظل منارة للوسطية والرحمة، تمد يدها لكل مبادرة تسعى لتعزيز التعايش وبناء مستقبل يسوده الأمن والسلام والعدل سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي.

 

وتأتي مشاركة فضيلة مفتي الجمهورية في هذه القمة الدولية استكمالًا لدور مصر الرائد في تعزيز قيم الحوار بين الأديان والثقافات، وترسيخ منهج الوسطية والاعتدال، وتأكيدًا على مسؤولية القيادات الدينية في مواجهة التحديات العالمية والسعي نحو تحقيق الأمن والسلام والاستقرار.

موضوعات متعلقة

Leave a Comment