المقامة بالعاصمة الإدارية الجديدة:
رئيس الوزراء يشهد فعالية إطلاق “السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية”
مدبولي في كلمته: السردية مبنية على شيء أساسي نؤكده بمنتهى الوضوح وهو أن القطاع الخاص يقود التنمية الاقتصادية في مصر وبقوة خلال الفترة القادمة
الحكومة تستهدف خلال الفترة القادمة النزول بمعدلات الدين إلى أقل رقم شهدته مصر على مدار تاريخها
هدفنا من هذه السردية التي سيتم نشر تفاصيلها بدءاً من الأسبوع القادم أن يكون هناك حوار مجتمعي وحوار مع الخبراء وسيتم تشكيل مجموعات عمل متخصصة لمناقشة كل محور من محاور السردية
شهد اليوم الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، فعالية إطلاق “السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل”، وذلك بحضور عددٍ كبير من الوزراء، ونوابهم، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وسفراء الدول، وجانب من رؤساء ومُمثلي الجهات والهيئات، ومُمثلي مجتمع الأعمال، وشُركاء التنمية الدوليين.
وألقى الدكتور مصطفى مدبولي كلمة خلال الفعالية المُقامة في العاصمة الإدارية الجديدة، قال في مستهلها: “يُسعدني ويُشرفني أن ألتقي بكم اليوم في بدء فعالية إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية التي تحمل عنواناً فرعياً هو: “السياسات الداعمة للنمو والتشغيل”، مُشيرًا إلى التركيز على كلمة النمو والتشغيل، حيث ينشغل العالم كله الآن بالحديث عن مُستهدفات واضحة تماماً ترتبط بـ “النمو والتشغيل”، وذلك في ضوء الاضطرابات التي باتت موجودة على مستوى العالم أجمع.
وخلال كلمته أوضح رئيس الوزراء أن الدولة تحاول من خلال هذه السردية، الرد على تساؤلات كثيرة جداً أثيرت خلال الفترة الأخيرة الماضية منها؛ هل الدولة المصرية في ضوء التحديات الموجودة لديها رؤية للمديين القصير والمتوسط؟ هل الحكومة لديها تصور لما ستقوم به بعد انتهاء برنامج صندوق النقد الدولي؟ هل الدولة تتكامل فيها الأفكار وعدم العمل في جزر منعزلة؟، وأكد رئيس الوزراء على محاولة الرد على جميع الأسئلة من خلال وضع هذه السردية، والتي لم توضع بناء على ردود أفعال، لكن ـ منذ نيل ثقة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بتشكيل الحكومة الجديدة في يوليو 2024 ـ بدأت العمل على تجميع كل هذه الجهود المبذولة، وهو لا يُنسب للمجموعة الموجودة منذ بدء تشكيل الحكومة الحالية، بل على العكس، هو جهد متراكم على مدار الفترة الماضية وعمل كبير في فترة شديدة الاستثنائية.
كما أشار الدكتور/ مصطفى مدبولي إلى نقطة مهمة جداً لابد أن يكون الخبراء والمواطنون على علم بها، مُوضحاً أنه تشرف على مدار الشهر الماضي، بالتواجد في قمتين، بالنيابة عن فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، الأولى هي قمة التيكاد باليابان، وهي قمة التعاون الياباني الأفريقي، وتلتها، قمة شنغهاي للتنمية في الصين، بتواجد عدد كبير جداً من زعماء العالم والدول.
وقال رئيس الوزراء: “كل كلمات رؤساء دول العالم بلا استثناء تحدثت عن عدم وضوح الرؤية، كما تضمنت الإشارة إلى أن ما يتم خلال هذه الفترة هو فقط إدارة أزمات لم يشهدها العالم منذ 100 عام أو تحديدًا منذ الحرب العالمية الثانية، وأنه تسود حالة عدم وضوح وضبابية شديدة للغاية، ويضاف إلى كل هذا أعباء اقتصادية كبيرة خاصةً للدول الناشئة والتي تظهر في صورة تضخم للدين وزيادة أعباء خدمة الديون العالمية”.
وأضاف أن هناك مطالب لإعادة صياغة الدور الذي تقوم به المؤسسات الدولية، بدءًا من الأمم المتحدة مرورًا بكل مؤسسات التمويل الدولية، مع التأكيد على أنه لابد من إجراء إصلاحات خاصة بهذه المؤسسات لكي تتمكن من مواكبة تحديات كثيرة لا تستطيع هذه المؤسسات التعامل معها.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي: “كان الحديث بوضوح شديد من كل هؤلاء الزعماء؛ أنه لن تستطيع دولة بمفردها أن تصمد في مواجهة هذه التحديات الكبيرة، وهذا ملخص من كل زعماء دول العالم الذين تحدثوا خلال هذه المؤتمرات والقمم”.
واستطرد: “نحن هنا نتحدث عن دول عظمى، ليست دولا صغيرة التي يمكن أن توصف أحوالها بأنها نامية أو فقيرة”.
وأوضح رئيس الوزراء أن دور الحكومة برغم هذا التحدي الكبير في ظل ظروف شديدة الاضطرابات؛ أن تضع رؤية للدولة المصرية، وهذا ما تعمل عليه الدولة منذ فترة طويلة، حيث ينصب تركيزنا اليوم على كيفية الاستفادة من الجهد الذي بذلته الدولة وتحديدًا في قطاعات البنية الأساسية واللوجيستية التي مكنتنا من التركيز في القطاعات الإنتاجية بصورة أكبر.
وقال رئيس مجلس الوزراء: “ولكي نستطيع اليوم أن نركز على ما قاله الفريق مهندس/ كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، بشأن إنشاء هذه المصانع، فضلاً عن جذب الاستثمارات، كما أشار وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، أوكد أن هذا ما كان ليتم، إذا لم نركز في السنوات الماضية على تطوير البنية الأساسية في مصر”.
واستطرد الدكتور مصطفى مدبولي: “لا يُمكن أن يأتي أي مستثمر أجنبي إلى الدولة لضخ استثمارات أو إنشاء مصانع والاستثمار في مُنشآت وقطاعات وخدمات كالسياحة؛ دون أن يكون هناك بنية أساسية؛ من طرق وطاقة ومياه وغاز وصرف صحي، فكل هذا هو ما جعل مصر مؤهلة اليوم ليكون لديها فرصة كبيرة جداً لتحقيق طفرة في عملية التنمية والنمو”.
وساق رئيس الوزراء مثالاً بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، موضحاً أن القرار الخاص بها كان منذ عقود، لكن الطفرة الكبيرة التي حدثت مؤخراً، جاءت نتيجة أن الدولة في خلال آخر 6 أو 7 سنوات استثمرت وركزت على توفير كل البنية الأساسية بهذه المنطقة، وهذا ما أدى إلى وجود تزاحم اليوم على هذه المنطقة من قِبل المستثمرين الأجانب، قائلاً: “قمنا بتوسيع حجم الأرصفة والموانئ، وربطنا هذه المناطق بشبكات من الطرق المتطورة والبنية الأساسية والسكة الحديد، وهذا ما أدى اليوم إلى وجود حجم استثمارات كبير وتسارع في عملية التنمية”.
وأضاف: “بالتالي، نقول في هذه السردية ان مصر اليوم أصبحت -بالبنية الأساسية التي نجحت في تنفيذها على مدار السنوات الماضية- قادرة على تركيز أولوياتها في الفترة القادمة على القطاعات القابلة للتداول التي تخلق القيمة المُضافة الأعلى، ومشيراً إلى أن التجارب العالمية للدول العظمى بدأت بنفس النهج؛ وهو التركيز على البنية الأساسية، والبدء بالإصلاحات الهيكلية المؤسسية داخل الدولة، ثم الانتقال بالقطاعات القابلة للتداول كالصناعة والسياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ثم المرحلة التالية وهي الابتكار، ثم المرحلة الأكثر تقدماً وهي الصناعات شديدة التعقيد وشديدة النمو، مؤكداً أن مصر تتبع هذا النهج.
وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن هذه السردية جاءت لتحاول أن تجمع كل الجهد الذي تنفذه الدولة خلال الفترة السابقة، والحالية، والرؤية للسنوات الخمس القادمة، وبالتالي فإنها تشمل الإصلاحات التي على صعيد السياسات النقدية، والسياسات المالية، وكذا الإصلاحات التي نحتاج للعمل عليها فيما يخص الضرائب، والجمارك، لخلق مناخ أكثر تحفيزاً للاستثمار والقطاع الخاص، والأهم ما هي الإجراءات التي من شأنها أن تُسهم في تبسيط مناخ الاستثمار وجذب الاستثمارات وتشجيع القطاع الخاص على أن يقود عملية التنمية بصورة كبيرة جداً في الدولة خلال المرحلة القادمة.
ولفت إلى أن السردية مبنية على شيء أساسي، نؤكده بمنتهى الوضوح، وهو أن القطاع الخاص يقود التنمية الاقتصادية في مصر وبقوة خلال الفترة القادمة، فنحن نُمهد الطريق ليتمكن القطاع الخاص من تحقيق ذلك.
وأكد رئيس الوزراء أن الإصلاحات الهيكلية التي قامت بها الدولة مكنتنا في الفترة الأخيرة من أن نشهد تحسناً في العديد من المؤشرات الاقتصادية للدولة، وبالتالي فإن معدل النمو أصبح 4.2% في الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الحالي، مقارنة بـ 2.4% خلال العام الماضي، والأهم أن هذا النمو جاء مدفوعاً بالصناعات والقطاعات القابلة للتداول، مثل: الصناعة، والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والزراعة، وهي القطاعات المُستدامة، التي يؤكد الخبراء ضرورة أن يكون الاقتصاد مبنياً عليها، وليس على قطاعات موسمية.
وأضاف أن الدولة تمكنت أيضاً من خلال إجراءات الحوكمة من تحقيق فائض في الموازنة بواقع 3.6%، وتستهدف رقم 4% في العام القادم، وهي أعلى أرقام تحققها دول فيما يخص فائض الموازنة، مؤكداً ان الدولة وضعت تصوراً كاملاً لكل هذه النقاط، ومشيراً إلى أنه إلى جانب كل ما تحقق يتم الحديث عن الدين، والخطوات المُتبعة تجاهه، لافتاً إلى أن كل الأرقام ستتواجد في الملخص التنفيذي للسردية، والأهم في الدراسات التفصيلية التي ستكون متاحة من الأسبوع القادم.
وخلال كلمته أوضح الدكتور/ مصطفى مدبولي أن الحكومة تستهدف خلال الفترة القادمة النزول بمعدلات الدين إلى أقل رقم شهدته مصر على مدار تاريخها، منذ بدأت في حصر أرقام الدين ونسب الدين من ناتج الإجمالي المحلي، موضحًا وجود الأرقام في جميع السيناريوهات التي تعمل عليها الحكومة، لافتًا إلى أن مُعدل التضخم شهد تراجعًا كبيرا جداً خلال عام واحد من 25.7% في يوليو 2024 إلى 13.9% في يوليو 2025، مؤكدًا أن مصر تعتبر من أكبر الدول في موضوع تحويلات العاملين بالخارج، حيث حققت مصر رقما تجاوز 36.5 مليار دولار في العام المالي الماضي، وتراجعت معدلات البطالة خلال السنوات الأربع الأخيرة لتسجل أدنى مستوياتها.
كما أكد رئيس الوزراء أنه من المهم العمل من خلال هذه السردية على ضمان استدامة عملية التنمية، والعمل على ضمان أن يكون معدل نمو الدولة المصرية بطريقة مستدامة لا يقل عما بين 5 ـ 7%، موضحاً أن السردية تؤكد على عدد من السيناريوهات لتحقيق ذلك، لافتًا الى أنه بالرغم من التحديات التي تواجهها الدولة اليوم على المستوى الجيوسياسي، وعلى المستوى الخارجي، وتوقع سيناريوهات أسوأ، يظل أداء الاقتصاد المصري به استقرار ورؤية إيجابية تراها المؤسسات الدولية والقطاع الخاص المصري.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى اجتماعه الذي سبق المؤتمر مع رؤساء المجالس التصديرية على مستوى الدولة لمتابعة مؤشرات النمو، موضحًا أن الصادرات المصرية من المتوقع أن تحقق خلال هذا العام زيادة بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي، وهو إنجاز كبير، مُشددًا على أهمية السعي لكي لا ينخفض هذا الرقم على مدار السنوات الخمس المقبلة، وتحقيق زيادة سنوية بمعدل 20% مقارنة بالسنة السابقة، وهو ما سيشكل طفرة حقيقية للدولة المصرية، وليس ان أحقق معدلات في عام ثم التراجع في العام الذي يليه، وهذا ما نسعى لتحقيقه من خلال هذه السردية وهذه الرؤية التي ستلتزم بها الدولة المصرية، مشيراً إلى أن هذه الرؤية والسردية لن تعد من جانب الحكومة، بل نعتبرها من خلال هذه الأرقام مسودة أولى.
وقال رئيس الوزراء: “جمعنا كل هذا الجهد، ووضعنا الاستراتيجيات المختلفة، وأجرينا الإصلاحات الهيكلية التي تحدثنا عنها لا سيما في قطاع السياسات النقدية والمالية وإصلاحات تحفيز مناخ الاستثمار وتبسيط الإجراءات. وأصبح لدينا إستراتيجية للصناعة وإستراتيجية للسياحة وإستراتيجية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وإستراتيجية للطاقة وإستراتيجية لعملية التشغيل وإستراتيجية للتنمية البشرية ووثيقة للسياسات التجارية وحددنا كيف تتعامل مصر وتستفيد من الاتفاقيات التجارية”.
وأضاف: “كل هذا نجمعه في وثيقة واحدة بحيث يظهر كل هذا الطرح في شكل رؤية للدولة المصرية حتى 2030، بل يُمكن من خلال ذلك ان نستشرف ما ستكون عليه الدولة المصرية خلال فترة ما بعد 2030 حتى 2050”.
واستطرد الدكتور مصطفى مدبولي: “كل ما يهمنا من هذا الأمر هو كيفية ضمان استدامة التنمية، والحفاظ على تحقيق معدلات نمو عالية، وألا نتعثر مرة أخرى خلال الفترة المقبلة، وما سنركز عليه هو جودة النمو، وذلك لكي يكون لدينا نموذج اقتصادي جديد متطور للسنوات الخمس المقبلة، وأن تكون هذه السردية هي ملكية مشتركة بين الحكومة وكل الخبراء الذين سيعملون عليها”.
وأكد رئيس الوزراء أن الهدف من كل هذا هو تحسين جودة الحياة للمواطن المصري، مشيرًا إلى أن الأمر لا يتعلق بالأرقام والمؤشرات فقط، ففي النهاية لابد أن تنعكس هذه الإصلاحات بالإيجاب على أحوال المواطنين المصريين خلال الفترة القصيرة المقبلة، وهذا هو هدفنا من خلال هذه الرؤية. وبالتالي يتم العمل على تخفيف دور الدولة في النشاط الاقتصادي، وتمكين القطاع الخاص أكثر وأكثر في عملية التنمية، وقياس ذلك بأرقام ومؤشرات كمية واضحة لتقييم مدى نجاحنا.
وأضاف: “أود أن أقول إن الفترة التي يواجهها العالم كله هي فترة مخاض وميلاد عالم جديد، وسنشعر بتداعياته على مدار الفترات القادمة، وبالتالي، هدفنا من هذه السردية التي سيتم نشر تفاصيلها بدءاً من الأسبوع القادم أن يكون هناك حوار مجتمعي، وحوار مع الخبراء، وسيتم تشكيل مجموعات عمل متخصصة لمناقشة كل محور من محاور السردية، موضحا أن المنسق الخاص بهذه المحاور سيكون شخصية مصرية من الخبراء والاستشاريين وليس من ضمن الحكومة المصرية، قائلا: نأمل أنه من خلال هذا الجهد المتواصل والحوار المجتمعي – الذي سيتم خلال فترة من شهرين إلى شهرين ونصف الشهر- أن نكون قادرين في شهر ديسمبر المقبل على أن نخرج بالصورة النهائية ويتم الاعلان في مؤتمر موسع بصورة تفصيلية عن الرؤية التي ستكون مصر عليها في خلال السنوات القادمة.
وفي ختام حديثه، وجه رئيس الوزراء الشكر لوزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، وكل الوزراء الذين ساهموا في الجهد والتفاصيل الموجودة في هذه السردية، مؤكداً أن هذا الجهد يمثل مسودة، بحيث يبدأ الحراك والحوار المجتمعي على مدار الشهرين القادمين في تنقيح هذا الجهد، لكي تخرج في النهاية وثيقة لرؤية التنمية الاقتصادية للدولة المصرية للسنوات الخمس القادمة، كي تعمل في إطارها الدولة المصرية، ويكون لها مؤشرات كمية واضحة بحيث تلتزم الدولة والحكومة والمعنيين بتنفيذها في الفترة القادمة.